نقاش التصنيف:نقد أدبي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الأدب المقارن بين الأهمية والشروط أهمية دراسة الأدب المقارن : 1 – يكشف الأدب المقارن عن مصادر الأصالة في الأدب القومي ، كما أنه يستطيع أن يحدد الأصول الأساسية فيه ، وما دخل عليه نتيجة لقائه بالآداب الأخرى في عصور نهضاته ، فهو يكشف لنا جوانب تأثر المبدعين في الأدب القومي بالآداب العالمية المختلفة ، ولا شك أن جوانب التأثر كثيرة ومتعددة ، فالأدب كائن حي ، يؤثر ويتأثر ، يأخذ ويعطي ، وهذه سنة العطاء الإنساني . 2 – يوضح الأدب المقارن خط سير الآداب في علاقاتها بالآداب الأخرى ، ومدى تقاربها في الأفكار ، كما أنه يبين لنا أهمية التأثير والتأثر في تقوية الأدب القومي ، في نفس الوقت الذي يساعد فيه على فهم تقارب الشعوب فضلاً عن خروجها من عزلتها . وعليه فالأدب المقارن ينظر إلى الآداب بوصفها جزءاً من بناء كلي متكامل تتضح أجزاؤه إذا قورنت بالأخرى ، وبذلك يكون لهذا الأدب أهمية عظمى في دراسة المجتمعات وتفهمها . 3 – للأدب المقارن من المكانة ما للاقتصاد السياسي والتاريخ بأنواعه ، فهو يدرس مثلهما العلاقات الخارجية والمشروعات التي تبدأ بها دولة ما ، وأنواع النفوذ التي قد تخضع له ، وما يتعرض له إن طوعاً وإن كرهاً من وراء حدودها ، وكل هذا ما تتوثق به نواحي النشاط الإنساني وتتنوع مظاهره . [غنيمي هلال ، ص 77 ، بتصرف ] . الشروط الواجب توافرها في الباحث المقارني : هناك مجموعة من الشروط يجب توافرها في من يبحث في الأدب المقارن ، نحاول أن نذكر بعضها فيما يلي : ـ 1 – أن تتسع معارف الباحث المقارني فيكون عارفاً بالتأريخ وحقائقه ، ومطلع على جوانب عديدة من الثقافات في هذه الناحية التاريخية التي تتصل بالأدب ، أو ما يعالجه منها . فعلى سبيل المثال : لا سبيل إلى معرفة الأدباء الفلاسفة المسلمين إن لم يكن الباحث المقارني مزوداً بثقافة تاريخية كافية حول عصر هؤلاء الأدباء الفلاسفة ، وبمعرفة كافية وافية عن الثقافات الأجنبية غير الإسلامية التي صاحبت عصره .[السامرائي ، ص 186 ] 2 – معرفة عدة لغات أجنبية غير لغته الأصلية ، إذ أنه لا يستطيع أن يعرف مسألة التأثير والتأثر في الجوانب الأدبية التي يبحثها أو يدرسها إلا بالإطلاع على النصوص والآثار الأدبية في لغاتها الأصلية ، عن طريق قراءتها وفهمها . وكثيراً ما يؤدي الاعتماد على الترجمات دون الرجوع إلى الأصول إلى أخطاء في النتائج نتيجة سوء الترجمة أو قصورها أو تحويرها أو تركها لأشياء مهمة في اللغات المنقول عنها . فمن صفات الباحث المقارني أن يكون قادراً على القراءة الواعية لأدب من الآداب في لغته الأصلية ، وهذا يعني أن من يريد معرفة تأثير الشاعر الألماني جوته في الأدباء الرومانسيين لابد له أن يقرأ جوته الألماني في اللغة الألمانية ، وليس له أن يلجأ إلى المترجم من أدبه ، وذلك ليتمكن من معرفة انتقال التأثير ، مع مراعاة أن هناك نوع من الترجمة يطلق عليه الترجمة غير الأمينة أو غير المباشرة أو المحورة . وعلى هذا فيلزم الباحث المقارن المعرفة بلغات عدة ، ليقرأ بها أيضاً البحوث الأجنبية اللازمة لبحثه واختصاصه . [السامرائي , ص 86 ، بتصرف] 3 – معرفة الباحث المقارني بالمصادر والأصول الخاصة بموضوع البحث ، وكذلك المراجع العامة المتصلة به ، ليستطيع معرفة عملية التأثير والتأثر سواء كانت بلغاتها الأصلية أو المترجمة ، وعليه أن يقارن بين الترجمة والأصل ، أو الترجمات المتنوعة بعضها ببعض . أمور يجب أن تراعى عند الدراسة المقارنية :- 1 – ما يختص بدراسة الأجناس أو الأنواع الأدبية ، كنشأة قصص الرعاة ومسرحية الرعاة في الأدب الأوربي ، وانتشار القصة التاريخية في أوربا مع أوائل القرن التاسع عشر ، وكيف نشأت القصة والمسرحية في الأدب العربي ، ثم الحكايات التي كتبت على ألسنة الطير والحيوان أو ما يسمى بالخرافة على لسان الحيوان ، وكيف أدخلها إلى الأدب العربي الكاتب العباسي ، الفارسي الأصل / عبد الله بن المقفع ، وكيف أثر الأدب العربي في الأدب الفارسي ، أو كيف أثر الأدب الفارسي في الأدب العربي ؟ . يجب على الباحث المقارني أن يتتبع كل نوع وتطوره في لغتين أو أكثر ، ويبحث العوامل التي أثرت في كل الآداب التي يراد دراستها . 2 – قد يحاول الباحث المقارني دراسة جنس أدبي في أدبين فقط ، وذلك كدراسة القصة الرومانسية الفرنسية وتأثيرها في القصة العربية ، أو يحاول دراسة جنس أدبي في أكثر من أدبين ، كدراسة القصة الرومانسية في الآداب الأوربية ، ثم تأثيرها في القصة العربية خلال العصر الحديث ، وعند ذلك يجب أن يراعي الباحث المقارني تحديد الجنس الأدبي الذي يريد أن يقوم بدراسته ، قصة مثلاً أو مسرحية ، وعليه أن يأتي بالدليل على تأثر الكاتب أو الكتاب بالجنس الأدبي موضوع الدراسة ، وقد يصرح الكاتب نفسه بهذا التأثير ، وعليه تكون مهمة التدليل والبرهنة يسيرة على الباحث المقارني . وذلك كما فعل الفرنسي / فيكتور هوجو عندما صرح بمحاكاة مسرح شكسبير الإنجليزي ، هنا تكون مهمة الباحث سهلة ، أما إذا لم يصرح الكاتب بذلك كما في محاكاة أحمد شوقي لشكسبير في مسرحية شوقي (مصرع كليوباترا) ، نفس الأمر فعله شوقي عندما نفى تأثره بكتاب كليلة ودمنة الذي عربه عبد الله بن المقفع ، وذلك عندما كتب شوقي أشعاره على ألسنة الطير والحيوان ، وفي مثل هذه الحالات تكون مهمة الباحث المقارني صعبة . بعد ذلك على الباحث المقارني أن يحدد مدى تأثر الكاتب بالجنس الأدبي ، وهل تأثر به تأثراً شاملاً ، أم تأثراً جزئياً ؟ ، ثم عليه ببحث الأسباب التي جعلته لا يتأثر تأثراً شاملاً ، ومن هنا يجب على المقارني دراسة حياة الكاتب ، وظروفه الاجتماعية والنفسية ، وكذلك مكوناته الفكرية والثقافية . وبالنسبة لدراسة الموضوعات الأدبية كدراسة شخصية الملكة كليوباترا في الأدب الإنجليزي والأدب الفرنسي والأدب العربي ، فهذه الدراسة تحتاج من الباحث المقارني إلى جهد كبير يتطلب سعة في العلم ، ومعرفة بخصائص الشعوب ونفسياتها . ومن أكثر فروع الأدب المقارن انتشاراً : دراسة تأثير كاتب معين في أدب أمة أخرى ، والتأثير قد يكون شخصي أو فني أو فكري . ولا مانع من دراسة أثر كاتب أو عمل معين في أمة من الأمم على كاتب أو أعمال إبداعية معينة من أمة أخرى ، مثال على ذلك : يمكن دراسة أثر إبسن أو برنارد شو أو بيراندللو أو بريخت أو يوجين يونسكو أو الكتاب الأسبان في مسرح توفيق الحكيم . وقد ندرس رواية مثل : (الرباط المقدس) لتوفيق الحكيم ، وعلاقتها برواية (تاييس) للكاتب الفرنسي / أناتول فرانس .. وقد ندرس التأثير الفرنسي في أدب الدكتور / طه حسين ، وبالذات في رواياته ، مثل : (المعذبون في الأرض) و( شجرة البؤس) ... وغيرهما. أو ندرس تأثير الكاتب الفرنسي / موباسان في قصص محمود تيمور ومسرحه .. إلى آخر هذه الموضوعات التي يمكن للباحث المقارني أن يقوم بدراستها وبحثها . بقلم يسري عبد الغني عبد الله باحث وكانب في الدراسات الأدبية والنقدية والمقارنية Ayusri_a@hotmail.com