نقاش:حضارة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقية الحضارة
بالرغم من الدراسات العديدة والمحاولات الحثيثة التي ما دأب فيها العديد من المفكرون والفلاسفة في شتى بقاع الأرض لإيجاد تفسير واضح وجلي لحقيقة مفهوم الحضارة ، ألا إنها بائت جميعها بالفشل . والسبب كما نراهُ ويراه الجميع يقع في عدم رُقي أي تعريف أو تفسير منهم لمفهوم الحضارة إلى مستوى أهمية وفاعلية وحيوية ذلك المسطلح الذي يحرص كل مجتمع بشري على أن يُعرِّف ويُميِّز نفسهُ من خِلاله. أما حقيقة الحضارة فإنها تتجلى من خلال تفسيرنا لمعنى المصطلح نفسهُ في اللغة العربية ، ومن ثمه يمكن لنا قياسه على اللغات الأخرى . فأصل كلمة الحضارة يمكن إيجادهاُ من خِلال المرادفات ، بمعنى أنهُ هناك حضارة وهي مرادفة لكلمة حاضر ومحضور وكذلك حضور وحضِر ومُحاضر محضَروللأفعال يُحضِّر ويَحضُر أوإحضَر و إحضِروحضِّر ..... وهكذا .
أما عكس مصطلح الحضارة في اللغة العربية فهو الغيابة ليتبعها كلمة غائب ومُغيب أو غياب ... وهكذا.
وكلها تفيد معنى التواجد في وقت الحدث وعكسها تفيد عدم التواجد في وقت الحدث ،وذلك سواءً كان الحدث من الفاعل نفسهُ أو من المفعول بهِ . فعلى سبيل المثال لا الحصر كلمة حاضر في اللغة العربية تفيد التواجد في مكان معين ، كقولنا فُلان حاضر هنا أي متواجد هنا وعكسه فلان غائِب أي غير متواجد هنا وفي هذهِ اللحظة بالذات ، أما كلمة محضور تفيد إيجاد الشيء في مكا ن محدد ، كقولنا فُلان محضورمن مكانٍ بعيد أي تمَّ جلبه وعكسها مُغيب كقولنا فُلان مُغيب أي لم يتم إحضاره .ِ وعلى هذا المسار يمكن قياس الكلمات والأفعال السابقة. إذاً فتعريف الحضارة وبناءاً على ما تمَّ شرحهُ سابقاً يكون كالتالي: الحضارة هي كُلُ ما تم تحضيرهُ مسبقاً من قبل الجهة المعنية بالحضور وما يتم تحضيرهُ ليكون حاضر ومتواجد في وقت الحدث. ويمكن تطبيق هذا المصطلح على جميع الكائنات الحية كذلك دون إستثناء، فكل مخلوق حي له حضور في الكون يكون له حضارة . فمصطلح الحضارة إنما يُستخدم للدلالة على مُجمل الإنجازات الحاضرة والآنية لمجموعة معينة من الكائنات وفي فترة محددة قد تطول أو تقصر ، حيث يتوقف ذلك على قدرة تلك المجموعة على الإستمرار في تلك الإنجازات والتعامل معها لتثبت حضورها . ولا يفوتنا أن نذكر بأن مصطلح الحضارة لا يقتصر على بني الإنسان كمجتمع أو على كوكب الأرض كمكان ، وإنما مصطلح الحضارة يسري مفعوله في أي مكان أو زمان وعلى أي مجتمع كان بشري أم حيواني أو نباتي ، دنيوي أم سماوي، فإينما يكون هناك إنجاز تكون الحضارة، وأينما يكون هناك تفاوت في الإنجاز يكون التفاوت في الحضارة. فقيمة الحضارة تتوقف على قيمة وأهمية الإنجاز وبغض النظر عن الزمان والمكان. أما الحضارة المثالية فهي تلك الحضارة المستقرة التي تتمتع بإنجازات مثالية غير قابلة للتغيير أو التبديل ، فتكون تلك الإنجازات وبهذهِ الحالة قد أحاطة بكل المتطلبات الخاصة بذلك الكائن الحي وإحتياجاتهُ الخاصة به وببني جنسهِ ، لتصل بهِ إلى مرحلة الإشباع والإكتفاء والإستقرار، فيتوقف عن البحث والتطوير لعدم حاجتهِ حينها إلى التغيير. وبناءاً على هذا التعريف نستطيع أن نقيس ونفهم جميع حضارات الإنسان بشكل خاص ونفهم كذلك أسباب نجاحها المرحلي وأسباب فشلها الدائم في الإستمرار والديمومة. ولكي نكون منصفين في الفهم والحكم والتقييم الخاص بكل حضارة بشرية وحيوانية وغيرها، علينا أن نعرف متطلبات كل مرحلة من مراحل الوجود لتلك الفئة على هذا الكوكب ونعرف أيضاً مستوى التحديات التي تعرضة لها في تلك المرحلة من الزمن . فمثلاً في حالة الإنسان يكون المستوى الحضاري في الريف والبادية أو القرية منخفض بسبب إنحسار الإنجازات البشرية والتحديات الآنية ، فنجد الناس هناك يقومون بتوفير معضم إحتياجاتهم بأنفسهم ، لذلك نجد بأن المجتمع الريفي والبدوي يقترب إلى العزلة ويبتعد عن الإنفتاح ‘ فتقل بذلك مستوى الخدمات الإجتماعية مما يقلل الحاجة إلى الإبداع والتغيير، ليبقى الوضع على ما هو عليه لفترة ما . أما التحديات في المدينة فهي كثيرة وكبيرة وفي الأخص عندما يتعين على مجموعة من الناس في العيش ضمن مساحة محدودة من الأرض فيضطرون للتعامل مع قوانين وأعراف وضوابط ليتمكنوا من خلالها الإستمرار والنجاح بالمهام الموكلة إليهم والتي يفرضها عليهم مجتمعهم المعاصر. لذلك نجد المستوى الحضاري في مدينةٍ ما ، في بلدٍ ما ، يختلف كلياً عن مدينةٍ أخرى وفي بلدٍ آخر وذلك يعود وكما نوهنا سابقاً إلى إختلاف التحديات والذي ينعكس بالتالي على الإنجازات البشرية والتي تحدد بدورها طبيعة مستوى الحضارة المطلوبة. أما حضارة المخلوقات الأخرى كالحيوان والنبات والكائنات السماوية الأخرى ، فنجدها تختلف إختلافاً كلياً عن حضارة الإنسان , فإنجازات تلك المخلوقات قد حُسمت ضمن إطار محدد يغطي جميع إحتياجاتها ومتطلباتها في العيش والبقاء، لتواجه بذلك جميع التحديات الخاصة بها بنجاح وإقتدار ، وهي بذلك قد سجلت تفوق حضاري مرحلي يحلم بني البشر للوصول إليه. ولكي نستوعب هذهِ الفكرة علينا الرجوع إلى القواسم المشتركة للمخلوقات جميعاً. فالمخلوقات الأرضية الحية بالذات نجدها تشترك في ثلاث تحديات رئيسية ألا وهي توفير الغذاء ليمنحها القوة ، والسكن ليمنحها الحماية ، والتناسل ليمنحها الإستمرارية والبقاء ، وبمجرد تأمين تلك التحديات الثلاثة الرئيسية يبقى ما دون ذلك مجرد إضافات ليست ضرورية للعيش. فكل مخلوقات الأرض تحاول أن تؤمن تلك التحديات لتأمين وجودها وإستمرارها ، وأي تقصير فيها يؤدي حتماً إلى الهلاك ، سواءاًعلى مستوى الفرد أم المجموعة. والحضارة الخاصة بذلك الفرد نجدها ملزمة بتوفير هذهِ الثوابت ، وذلك عن طريق فرضها لإنجازات محددة لكي تؤمن تلك الإحتياجات الخاصة بها ، وبالتالي يكون تقيمنا لها مرتبط بمدى قدرة ذلك المخلوق على توفير تلك المتطلبات الحضارية المهمة . فالإنسان يكون حضارياَ عندما يمتلك مقومات الإستمرار والبقاء له ولمن حوله من بني جنسه . وهو مُغيب عندما لا ينجح في الإستمرار والبقاء ، ليصبح تغيبهُ من أرض الواقع ضرورة حتمية وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى فنائه. فالحضارات الإنسانية القديمة مغيبة أي لم يعد لها وجود بسبب فشلها في مواجهة التحديات، أما الحضارة الحيوانية والنباتية فهي ناجحة لكونها حافضت على جنسها من الفناء ولفترة طويلة من الزمن أما التي لم تنجح فتعرضت للفناء كما نعرف وكما حصل بالفعل للعديد من السلالات الحيوانية والنباتية. والسبب في عدم فناء الإنسان كجنس رغم فشل أغلبية الحضارات القديمة الخاصة به ، فإنهُ يعود إلى قدرتهِ على تغيير نمط عيشهِ بإستمرار ، وبقدرتهِ كذلك على التنازل والإعتراف بالفشل أمام الأخرين من المخلوقات وعدم إصراره على الخطأ ، ونعول ذلك بإمتلاك كل إنسان إلى القناعه الثابته في قدرتهِ على البقاء والإستمرار وكل ما ينقصهُ الإسلوب الصحيح والفكر السديد . وإذا ما حاولنا أن نبحث عن أصل هذهِ القناعة وسبب إختلافها عن أقرانهِ من المخلوقات الحية التي لا تمتلك تلك القناعة الثابتة مما يجعلها غير قادرة على تغيير أسس حضارتها وإستعدادها للفناء دون القبول بالتغيير، نجد بأن الإنسان قد قبل بمبدأ التغييرالمستمر ليس بسبب فشلهِ في فرض نمط محدد من الحضارة وإنما بسبب إمتلاكهِ للأسس الصحيحة أصلاً ، وبعدم رغبتهِ في الإلتزام بها بسبب شقاوتهِ وتمردهِ على واقعهِ ، مما يدفعهُ إلى سلوك منحى آخربعيد عن طباعهِ ، ليعود في النهاية إلى القبول بالأمر الواقع وبالفطرة الصحيحة التي فُطرعليها شأنهُ بذلك شأن جميع خلق الله .
لذلك فإنه لن تستقر حالةِ أو حضارة الإنسان حتى يعود إلى حضارتهِ الأصلية التي فُطر عليها.
أما عن حقيقة تلك الحضارة المزعومة فهي ببساطة تلك الحضارة التي من أهم مميزاتها أن تستقطب الجنس البشري ككل دون أن تفرق بين اللون والشكل والمنشأ ، والتي توحِّد بذلك جميع الطباع والغرائز والسلوك الإنساني وتواجه بنجاح جميع التحديات اليشرية ، شأنها شأن جميع الحضارات الناجحة من حولنا والمقتصرة على جميع خلق الله بإستثناء بني الإنسان. فمن خلال بحثنا عن أسباب نشوء الحضارات الإنسانية القديمة وعن أسباب فنائها لاحظنا بأنها قد حاولت على الدوام أن تحصر نفسها ضمن مجموعة محددة من البشر لتفصلهم عن إخوتهم من بني جلدتهم وذلك من خِلال الفلسفات والتوجهات الفكرة الخاصة بها ، لتعزز بذلك فكرة التمييز عن الآخرين من بني الإنسان ، وإن كان ذلك واضحاً بأنهُ محدد لفترة قصيرة من الزمان كونهُ لم يأخذ بنظر الإعتبار ماضيهم ومستقبلهم ، وقد نجدها تنجح لفترة مع إنجازاتها المرحلية ولكن ذلك لن يبقيها بمنئي عن المصير الفاشيل الذي رافق على الدوام هذا النوع من التوجه الحضاري ، وللأسباب نفسها. وهكذا دواليك . ومما يؤسف له بأن الإنسان لم يستوعب هذهِ الحقيقة ولغاية الآن ، فنجدهُ مستمر على طريق أجداده مبتهجاً ببعض المكتسبات المرحلية ومتناسياً كل ما لهُ صلة بإنسانيتهِ وحقيقته . نعطي مثالاً في الحضارة الفرعونية الشهيرة ،فنجدها قد أظهرت الفراعنة وكأنهم ليسو من بني البشر، وكذلك البابلية ولنفس الأسباب ، واليونانية والرومانية والهندية لتشمل جميع الحضارات الإنسانية القديمة دون إستثناء ، ويمكننا أيضاً أن نجمع ونقيس باقي الحضارات القديمة والحديثة بنفس الأسباب والنتائج الخاصة بتأسيسها وبنجاحها المرحلي وكذلك بمصيرها المدمر لها ولبني جنسها. أما عن تلك الحضارة المثالية والخاصة ببني الإنسان ، فهي وبكل بساطة تلك الحضارة التي من أهم شروطها أن تحتضن البشر جميعاً كجنس واحد لا يفرقهُ لون أو بيئة أو أي شيء آخر. وليكن في حضارة المخلوقات الأخرى خير مثال ودليل يُقتذى بهِ. فكلنا يعلم جيداً بأننا كبشر يمكننا العيش في أي بيئة حضارية بشرية ، المهم هو قبولها بالشمولية في التعامل مع بني الإنسان . والدرس الذي يجب أن نستوعبهُ هو أن الإنسان لن ينعم في حضارتهِ مهما عظُمت أو كبرت طالما كانت تعزلهُ عن أخيه الإنسان. فمن أهم أسباب فناء الحضارات الإنسانية هو عدم قدرتها على التعامل مع المستجدات من الأحداث ، فنجدها تقاوم كي تبقى متقوقعه على نقسها بكل السبل ، ولكن نتيجتها هو الفشل الحتمي دون أدنى شك. فنحن بني البشر من أصلٍ واحد وجنسٍ واحد ومن نسلٍ واحد والمتمثل من أبٍ واحد وأٌمٍ واحدة ، بدأنا هكذا معاً ، شئننا كشأن جميع الكائنات الحية من خلق الله ، وسوف نعود معاً عاجلاً أم آجلاً شئنا أم أبينا ، مصيرنا واحد وجنسنا واحد وطبيعتنا واحدة . ولن تنجح حضارة الإنسان وتدوم إذا لم تقبل في التعامل مع الحقيقة البشرية تلك ، فتوفر لها الأسس والمفاهيم اللازمة لضمان عيش أفرادها كمجموعات بشرية متحضرة ومتكاملة ومتجانسة ، مبتعده كل البعد عن التفرقة وإلتزام العزلة . أما بخصوص المظاهر الحضارية التي إتسمت بها الحضارات الإنسانية القديمة والحديثة من فن وعمارة وثقافة وعلوم وما تمييزت بها تلك الحضارات من أبداع في مجالات عدة ، إنما يعود وبشكل رئيسي إلى مواجهة تلك الحضارات التحديات الخاصة من أجل تثبيت المُلك وإبقاء الرعية حول العرش عن طريق خلق وسائل للتفاهم بين أفرادهم لتختص بهم وتميزهم عن الآخرين ، من ضمنها اللغة وطريقة الملبس وكذلك الشرب والمأكل لتشمل الأحكام والقوانين الملزمة لأفراد دون الآخرين ، لتتعداها إلى حركات وتصرفات معينة كالرقص والغناء والتمثيل والشعر والأدب والقصص والأصاطير ، فنجد كل مجموعة تفخر وتعتز بتلك الإنجازات أمام أللآخرين من بني جلدتهم بل إن الحال يصل في كثير من الأحيان إلى إستحداث حروب ومؤامرات وفتن ضد الذين يتمييزون عن هؤلاء بمظهرهم وكلامهم أو حتى ملبسهم وقد تصل إلى طريقة تفكيرهم. فأساس الحروب والدمار التي تحدث بين بني البشر إنما كانت ولا زالت بسبب عدم قدرة مجتمع ما أو حضارة ما على إستيعات حضارة أخرى أو مجتمع آخر ضمن حدودها الفكرية والثقافية لتتعداها إلى محاولة فرض تلك الحضارة الخاصة بجماعة معينة على مجموعة أخرى خاصة بجماعة ثانية. والأمثلة كثيرة وعديدة وشاملة لكل النزاعات والصراعات الإنسانية السابقة والحالية. من هنا يمكننا أن نستوعب مدى أهمية مصطلح الحضارة في حياتنا كبشر على كوكب الأرض ، والتي تؤثر فينا بشكل مباشر ونتأثر بها ، وإذا إستمر الحال على ما هو عليه من فهم خاطيء لحقيقة الحضارة فإنهُ سوف يُنذر بعواقب وخيمة على الجنس البشري. ولا يمكننا أن ننكر نحن بني الإنسان مدى حاجتنا إلى حضارة إنسانية حقيقية وثابتة لنستظل بها جميعاً دون إستثناء أو تميُيز أو تفرقة . فالأسلوب الحضاري الممدوح والمقبول لدى الجميع هو ذلك الإسلوب الذي يتمتع بصيغة توافقية لا تُنفِّر الآخرين ولا تحقرهم أو تستفزهم ، فنجدهُ مرحَّباً به في كل مكان وفي أي وقت وبين جميع المجتمعات الإنسانية دون إستثناء ، وذلك ينطبق على الحضارة المثالية التي هي مطلب كل البشر ، ولا يخفى على أحد مدى الإستعداد الكبير لدى الجميع في تقبل هذا النوع من التوجه ، وما نجاح الولايات المتحدة الأمريكية كدولة مبنية على الشمولية في إحتواء الثقافات والحضارات المختلفة دون تحديد لهو خير دليل ، حيث نلمس نجاحها في مدى تقبل الناس لها رغم التناقض الكبير بينها كمجتمع حديث وحضارة حديثة المنشأ وبين المجتمعات الأخرى والتي تتمتع بحضارات ومجتمعات قديمة وعريقة . وأما السبب الحقيقي وراء عدم إمكانية أخذ المثال الأمريكي كمثال يُحتذى به هو لكون نشوء الحضارة الحالية في تلك الدولة إنما جاء من منطلق الحتمية التأريخية التي تنبيء بتجمع الناس من جديد في إيطار حضاري واجتماعي موحد ، تجسَّد في المطلب الشعبي والإنساني لدى الناس أجمعين في السعي نحو التوحد من جديد ليشمل اللغة والفكر والعقيدة وكذلك المنهج وما يتبعها من فن وثقافة وأدب وعلوم إنسانية وإجتماعية وفكرية . ولم يتم تأسيس تلك الحضارة على أساس علمي ووعي حقيقي لمعنى الحضارة وحقيقة الوجود الإنساني على الأرض ، فنجدها الآن قد تعثرت أمام تحديات فكرية وعقائدية يفتقر إليها المجتمع الأمريكي كمجتمع شمولي ، ونجدها كذلك متخبطة في تحديد الإتجاه السياسي الذي يجب أن تسير عليه حتى تحافظ على نجاحها وتفوقها الغير مسبوق والفريد من نوعهِ. فنحن مدعوون كبشر بأن نأخذ بنظر الإعتبار جميع الحقائق التاريخية والتجارب الفريدة التي عايشها كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية وكل حضارة من الحضارات البشرية على مر السنين ، لنستلخص منها العِبر والمفاهيم القيَّمة والتي نحن كبشر بأشد الحاجة إليها حالياً كي نأسس مجتمع حضاري مثالي ينعم من خلالهِ الجميع من بني البشر بالسعادة والإطمئنان والسلام . فالجهود اللإنسانية يجب أن تتظافر وتتكاتف في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود، وكما تمَّ التنويه سابقاً بأن هذا هو مطلب الشعوب دون إستثناء وهو مطلب تاريخي حتمي ، يفرضهُ علينا المنطق والعلم بحقائق الأمور ، لا بصورها المزورة أو بالتآمر عليها . فالأنسان كطبيعة وخلق لا يختلف في الكينونة عن باقي خلق الله التي تعيش مجتمعة ضمن إطار إجتماعي وحضاري ثابت ومسالم بعيد عن التهور والمغامرات والنزاعات المبتكرة والغير واقعية. فحقيقة الحضارة تتجلى في قدرتها على إستيعاب الجميع بدون إستثناء أو تمييز، وبقدرتها على توفير المناخ المناسب والملائم للجميع كي ينعم بلإستقرار والسعادة والسلام الدائمين. وهذهِ الحضارة المنشودة واقعية وحتمية وهي إن لم تحدث الآن فسوف تحدث لاحقاً وبدون شك . أما نحن إذا أصرينا على عدم تداركنا لعجلة الزمان واللحاق بها ، نكون من تدوسهم هذهِ العجلة في طريقها نحو الشرعية ، ولن يكون لنا أي وجود أو أثر في دعم هذهِ العجلة الجبَّارة ، أي سوف نكون مُغيبين عن المجتمع والناس ولن نكون حاضرين وفاعلين في الحضارة المثالية المنشودة.
                                                                                         محمد الكاظمي
                                                                               تلفون:3128109-50-00971       
                                                                                        في 20/2/2007            
                                                                         أبوظبي/ دولة الإمارات العربية المتحدة  
ّّّّّ

