ويكيبيديا:طلب عدم شطب/مجتمع ما بعد الحداثة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

< ويكيبيديا:طلب عدم شطب

إنسان المؤمنين وإنسان الملحدين ردا على نظرية دارون

الإنسان هو هذا الكائن الحي المنتصب القامة، ذو العقل والتفكير والأخلاق الفاضلة، والعواطف الجياشة، والإحساسات الصادقة، والمنطق السليم، والكلام الفصيح المبين. ابتدأ الله تعالى خلقه من طين، ثم جعل ذريته من سلالة من ماء مهين، إذ خلق آدم من طين بيديه، ونفخ فيه من روحه، وخلق منه أنثاه حواء، وعلمه الأسماء، وأسجد لـه ملائكة السماء، فسجدوا كلهم أجمعين إلا إبليس أبى. ونهاه عن الأكل من الشجر فنسي، فأكل منها، فعصى وغوى، وتلقى كلمات منه تعالى، فقالها فتاب عليه وهداه، وأهبطه إلى الأرض خليفة فيها بعد أن هيأها لـه، وسخر لـه كل ما فيها. هذا هو الإنسان في معتقدنا، وهذه حقوقه عندنا: حرمة دمه، وماله، وعرضه، واحترام مشاعره وعواطفه وأخلاقه ،والاعتراف بحرياته الشخصية ما لم يخل بكرامته. ومصالح الهيئة الاجتماعية التي هو أحد أفرادها ، وجزء من أجزائها. الإنسان في الكتاب والسنة: أولا: في الكتاب: قال تعالى في خلق آدم )وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ) (الحجر:26) وقال عنه أيضا )إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر28 :29). وقال عنه أيضا: الذي أحسن كل شيء خلقه، ) وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)(السجدة: من الآية7)وقال في خلق ذريته )ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ)(السجدة:8) وقال في خلق الإنسان الذي هو ابن آدم )إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ) (الانسان: من الآية2) وقال في خلقه أيضا )وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ .)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون12 -14) . وقال )الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ .خَلَقَ الْأِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (الرحمن1 -4) وقال في خلقه – آدم- بيديه وتسويته لـه، وإسجاد ملائكته لـه: )إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ .فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ .إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ؟ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (ص71 -76) .

ثانيا: في السنة:

وأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تلقاها وحيا من ربه سبحانه وتعالى فقد روي مسلم في صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم قوله (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) يعني صلى الله عليه وسلم وخلق آدم من طين. كما بين ذلك في القرآن الكريم. وقال صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري ومسلم "يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون : ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟! فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك. إلخ . والشاهد منه في قوله صلى الله عليه وسلم خلقك الله بيده، فلو لم يكن خلقه خلقا مباشرا، وإنما كان كخلق سائر الناس لما كان لذكر اليد والخلق أي ميزة، أو فضيلة على خلق غيره من بني آدم. وقال صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري ومسلم وأحمد واللفظ لـه: "احتج آدم وموسى فقال موسى: يا أدم أنت الذي خلقك الله بيده. ونفخ فيك من روحه أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة. قال : فقال آدم: وأنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل أعمله قدره الله على قبل أن يخلق السموات والأرض بأربعين سنة! قال: قال فحج آدم موسى" . وقال صلى الله عليه وسلم في رواية أحمد وأبي داود اوالترمذي وصححها "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك" . وقال صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" . ومن آدم وحواء وبطريق التناسل والخلق التدريجي خلق الله ذريته في كمالهم وجمالهم فصحاء عقلاء سادة في الأرض، قد سخر الله لهم كل ما فيها لينتفعوا به في حياتهم الدنيا، وبعث فيهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب تكميلا لآدميتهم وإسعادا لهم في حياتهم، وإعدادا لهم بواسطة تزكية نفوسهم، وتطهير أرواحهم للسعادة الأخروية في الملكوت الأعلى بعد موتهم وانقضاء آجالهم. هذا هو الإنسان المكرم في معتقد المؤمنين أجمعين. الإنسان في معتقد الملحدين : أما الإنسان في معتقد الملحدين فهو متحول عن خلية هبطت من بعض الكواكب إلى الأرض ثم تمت فيها فكانت حيوانا رديئا في أبسط شكل، ثم تغيرت الأرض بفعل بعض المؤثرات الطبيعية، فاضطر هذا الحيوان المخلوق لتغيير شكل معيشته، فتبع ذلك تغير في صفاته، ثم استحال مع طول الزمن وكثرة المؤثرات المختلفة إلى أحوال فارق فيها جنسه الأول، ثم ارتقى إلى قرد على مبدأ النشوء والارتقاء الذي فتنوا به ثم مرت عليه ملايين السنين فارتقى إلى حيوان آخر هو بين القرد والإنسان بواسطة بينهما، ثم انقرض هذا الحيوان الواسطة بدليل عدم العثور عليه في آثار الأحياء. ولعل انقراضه كان على مبدأ الانتخاب الطبيعي، والبقاء للأصلح كما يقولون، ومن ذلك الحيوان الواسطة المفقود ارتقى الإنسان إلى ما هو عليه الآن!!. وبنوا معتقداتهم هذا في خلق الإنسان، وأنه متحول من القرد على أساس مجموعة نظريات هي الانتخاب الطبيعي، والبقاء للأصلح، والنشوء والارتقاء، والمطابقة وعامل الوراثة. وهي في الجملة نظريات صحيحة معلومة بالحس، وهي سنن الله تعالى في الخلق والتكوين لكثير من المخلوقات- فالإنسان ابن آدم يوجد أولا خلية في نطفة الرجل وماء المرأة، ثم يكون حيوانا منويا ذكرا أو أنثى، ثم يتلاقح كما هي سنة الله تعالى في اللقاح، ثم يتدرج خلقه من حال إلى حال إلى أن يتم خلقه فيصير بشرا سويا كما جاء ذلك في قوله تعالى )ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِين. )ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون13 -14) ، وكما صح به قول الرسول صلى الله عليه وسلم "وإن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يأتي إليه الملك فينفخ فيه الروح. ثم يؤمر بكتب أربع كلمات "رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد" . وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم "بم يكون الشبه في الولد؟ فقال فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد لها، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد لـه" رواه البخاري . وهو إشارة إلى عامل الوراثة. وعجمة التمر تلقى في الأرض نواه لا حياة فيها، ثم تنفلق عن غصن أخضر. ثم يتدرج خلقها حتى تصبح نخلة باسقة لها طلع نضيد رزقا للعباد، وبالجملة فسنن الله تعالى في الخلق التدريجي في الإنسان والحيوان والنبات ثابتة لا تنكر، وسنته تعالى في انتقال صفات الأصل إلى فرعه ثابتة كذلك، وسنته تعالى في البقاء للأصلح ظاهرة في كثير من الكائنات، ولكن هذه السنن هي من خلق الله وتقديره، وهي خاضعة لإرادته ومشيئته ، ولذا يخرقها بالمعجزات التي يعطيها لأنبيائه تدليلا على صدق ما أدعوه من أنهم أنبياؤه ورسله، فخلق عيسى عليه السلام كان على خلاف سنة الخلق المعروف في سائر بني آدم كما قال تعالى )إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران:59) وتكلم عيسى في المهد في أسبوع ولادته كان على خلاف سنة الله تعالى في نطق الإنسان الذي لا يتم إلا بعد قطع الطفل مرحلة من حياته. وسلامة إبراهيم من إحراق النار لما يلقى فيها من أجسام قابلة للاحتراق، وأمثلة إبطال الله تعالى لسنته في خلقه متى شاء، ذلك كثيرة. والمقصود من هذا أن ما يسميه الملاحدة بالقوانين الطبيعية ويتخذون منه دليلا على كفرهم بالله تعالى، ما هو في الواقع إلا سنن الله تعالى التي أودعها في الكون. يوجد بها ويخلق ما يشاء إيجاده وخلقه، وهي خاضعة لله تعالى متى شاء أمضاها، ثابتة لا تتغير، ولا تتبدل كما قال الله تعالى ) فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً)(فاطر: من الآية43). ومتى شاء أوقفها وأبطلها لحكمة منه اقتضت ذلك وهو العزيز الحكيم. بيد أن خلق آدم وحواء عليهما السلام كان بالخلق المباشر، ولم يكن أبدا كما تخيل الملاحدة، وتصوروا، لأخبار الله تعالى وأخبار رسله التي يستحيل فيها الكذب، هذا وقد ناقش العلماء المؤمنون هذه النظرية الدارونية التي أصبحت مذهب الملاحدة ومعتقدهم، وأبطلوها نهائيا بنفس المقاييس والنظريات الطبيعية التي أثبتها الدارونيون بها. وهذه بعض الاعتراضات التي عورضت بها النظرية الدارونية وأبطلتها: 1- إذا كانت نظرية النشوء والارتقاء مطردة في كل شيء فعن أي شيء ترقت الأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم؟، وعن أي شيء ترقت البهائم ذات القوائم الأربع: الخيل والبغال والحمير، والأسد والنمر والفيل والذئب والكلب. 2- ومضت القرون الطويلة على هذه الحيوانات، ولم تترق إلى ما هو أكمل منها إذ الكمال لا حد لـه، فبقى الفرس فرسا، والكلب كلبا، والأسد أسدا، والذئب ذئبا، والإنسان إنسانا منتهيا كل منها إلى ما هو عليه الآن، ومنذ قرون طويلة؟؟؟. 3- لم بقي القرد الأول، وانقرض الحيوان الواسطة الذي ترقى من القرد؟ فلو كانت نظرية البقاء للأصلح، والانتخاب الطبيعي مطردة لانقرض القرد الأول وبقى الحيوان الواسطة الذي ترقى عن الأول، لأنه أكمل منه وأصلح والبقاء للأصلح. فلم هنا كان البقاء لغير الأصلح؟ ولم أساء الانتخاب الطبيعي هنا فانتخب الناقص فأبقاه ولم ينتخب الكامل فأراده؟ 4- إن مذهبكم المادي قائم على أساس نكران القياس والنظر والاستدلال. فلم تؤمنوا بغير المرئي المحسوس، فلم خالفتموه هنا، وقلتم بالنظر والقياس والاستدلال، لأنكم ما شهدتهم الخلية الأولى التي زعمتم أنها نزلت من بعض الكواكب. كما أنكم لم تشاهدوا المؤثرات الطبيعية التي زعمتم أنها اقتضت من الحيوان الأول أن يغير أسلوب معيشته حتى ترقى تبعا لذلك، كما أنكم لم تشاهدوا الحيوان الواسطة وقلتم بمجرد النظر والقياس، وبذلك نقضتم مذهبكم المادي، وخرجتم عنه، فثبت عجزكم، وبطل معتقدكم في النظرية الدارونية التي قال عنها أحد العلماء المؤمنين "إنها نظرية أبوها الكفر وأمها القذارة". وأخيرا فقد اعترف كبار أصحاب النظرية الداورنية بعجزهم وقالوا: بالحرف الواحد: إن نظرية النشوء والارتقاء ليست ثابتة علميا، ولا سبيل إلى ثباتها بالرهان أبدا، وإنما آمنا بها، لأنها البديل الوحيد عن الإيمان بالله!. ّّّ ََّّ محمد نصر العقاد _ مصر الفيوم