ويكيبيديا:طلب عدم شطب/نحو قراءة منهجية للتراث الصـوفي الإسلامي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

< ويكيبيديا:طلب عدم شطب

السيد الأستاذ / المسئول الاداري عن موسوعه ويكيبيديا المحترم

ان التشابه فى العنوان للمقالة ( نحو قراءة منهجية للتراث الصوفى الإسلامى ) مع ما نشر على صحفة الانترنت فى موقع اخر ببساطة يمكن تفسيرها ان المؤلف لكلا المقالتين واحد واحب ان انوه هنا ان هذه المقالة مأخوذة بتصرف من اطروحتى الجامعيه بعنوان تأصيل المنهج الصوفى السني بين الإثبات والنفي لنيل درجة الماجستير جامعة الأزهر 2003 ولكن للأسف انها غير منشورة وهناك نسخة منها بمكتبة الدراسات العليا بالجامعة ولكن على اى الأحوال بأمكانى نسخ صورة كاملة منها لو رغبتم فى ذلك ولكم جزيل الشكر على التدقيق حرصا على الامانه العليمة وعدم الخرق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد نصر الدين احمد العقاد

الفيوم _ مصر — هذا التعليق غير الموقع أضافه محمد نصر العقاد (نقاشمساهمات)

تراث التصوف الإسلامى فى الميزان 

ماذا قالوا عن الشكر ؟؟؟

كمال العبد في ثلاثة أمور :

(1) إذا أنعم عليه شكر، (2) وإذا ابتـــــــلاه صبر، (3) وإذا أذنب اسـتغفر.

وهذه المنازل الثلاثة عنوان سعادة العبد وعلامة فلاحه في الدنيا والآخر، لأن العبد يتقلب بين هذه الأحوال الثلاث .. نعم من الله تعالى تترادف عليه فيزيدها بالشكر . ( والكلام لا يزال للإمام أبي العزائم ) :

 والشكر مبني على ثلاثة أركان : الإعتراف بالنعم باطنا ، والتحدث بها ظاهرا، وتصريفها في مرضاة موليها ومعطيها .. ومع كل فإن فعل ذلك فقد شكرها مع تقصيره في شكرها.

 الصبر هو : (1) حبس النفس عند التسخط بالمقدور، (2) وحبس اللسان عن الشكوى، (3) وحبس الجوارح عن المعصية.

ومدار الصبر على هذه الثلاثة، فإذا قام به العبد كما ينبغي، إنقلبت المحنة في حقه منحة، والبلية عطية، وصار المكروه محبوبا، لأن الله لم يبتلينا ليهلكنا، وإنما ابتلانا ليمتحن صبرنا وعبوديتنا.

وبعون الله وتوفيقه أفصل لكم هذه المقامات الثلاث على قدر ما تسمح به الضرورة ، فمن علوم الإمام ننهل، ومن سار على الدرب وصل :

إن المنعم عز وجل أنعم علينا بنعم لا نستطيع أن نحصيها عدا، ونعمه سبحانه منها ما هو ظاهر ومنها ما هو باطن أشار إليها بقوله { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } (لقمان : من الآية 20)، وهذه النعم تستلزم الشكر. والعبد مطالب بشكر الله عند الإنعام، ولكن من وقف عند النعمة ولم يتخطاها موجها وجهه للمنعم تبارك وتعالى فإنه قد وقف عند العطية وبالتالي لا يدخل ساحة المعطي عز وجل، وصاحب هذا الحال إذا ابتلاه ربه ببلية أو بمصيبة نسي من ابتلاه ورأى المصيبة ووقف عندها.

وإذا تأملت في نفسك ومن حولك لتراءت لك بنور إيمانك آيات بينات في نفسك وفي الآفاق، والآيات البينات لا يظهرها سبحانه إلا لأهل عنايته الذين نهجوا نهج الحبيب المصطفى  بالقول والعمل والحال والإعتقاد. وجوارحنا نعم من نعم المنعم، وحقائقنا نعم من نعم المنعم، وهذا الوجود المحيط بنا نعم من نعم المنعم، وما وراء هذا الوجود الذي نراه ونحسه من عوالم نعم من نعم المنعم .. ونِعْمَة اللَّهِ لا يمكن بحال من الأحوال إحصاؤها، والنعم تستوجب الشكر، والشكر بنص القرآن عمل صالح لقوله تعالى { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } (سـبأ : من الآية 13). ورسول الله  يفسر لنا عمله بأنه شكر ، وأخبرتنا عنه السيدة عائشة رضوان الله عليها فقالت : كان رسول الله  إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه، قالت : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال " يا عائشة : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ " (أخرجه أحمد في المسند) . روى أنس فقال : جلس جبريل إلى النبي  فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل ، فقال جبريل : إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة، فلما نزل قال : يا محمد أرسلني إليك ربك قال أفملكا نبيا يجعلك أو عبدا رسولا ؟ قال جبريل : تواضع لربك يا محمد، قال ( بل عبدا رسولا " (رواه أحمد في المسند)، كانت الخيرة بين أمرين : إما عبدا رسولا أو ملكا نبيا – فاختار رسول الله  أن يكون عبدا رسولا حتى يجوع يوما ويشبع يوما، فاليوم الذي يجوع فيه فيدعوه ويتضرع إليه - وهذا هو مقام الصبر، وأما اليوم الذي يشبع  فيه فيحمده ويثني عليه - وهذا هو مقام الشكر. وقد بين لنا رسول الله  من خلال هذا الحديث الشريف أن الإنسان لا يكون إنسانا كاملا على الحقيقة إلا إذا شكر عند مقتضى الشكر وصبر عند مقتضى الصبر.

وشكر القلب هو الشكر الذي ينوب عن الجوارح كلها وعن الحقائق الروحانية التي أنت بها إنسان، فالعقل له شكره وكذلك الفكر والوهم والخيال والحافظة والذاكرة والنفس والقلب المعنوي والروح والسر. وكم فيك من آيات إلهية إذا ظهرت لك أشعة أنوارها لسجد القلب لله سجدة لا يرفع بعدها، فيك الآيات الظاهرة وفيك الآيات الباطنة، فاسمه سبحانه الظاهر، واسمه الباطن.

ويجب علينا أن نذكر أولا نعمة النشأة لأنه أوجدنا من العدم - والعدم لا شيء. وقد أشار الحق إلى العدمية بقوله { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } (مريم : من الآية 9)، فانتقلنا من العدم إلى الوجود، ثم تنقلنا في مراتب الوجود فصرنا سلالة من طين. ثم أصبحنا من ماء مهين، ثم أصبحنا الآن جمالا وكمالا نبصر بالبصير ونسمع بالسميع ونتكلم بالمتكلم ونحيا بالحي ونقوم بالقيوم ونعلم بالعليم ونصل إلى الحكمة بأنوار الحكيم، لأن الحق تجلى على الإنسان بجميع أسمائه وصفاته.

ولما كنتَ أنت في العدم ثم تطورت إلى الطين ثم الماء المهين - وما زاد عن هذا من جمال وكمال ليس لك ولكنه من الله وإلى الله .. لأجل هذا جعل الله الجوارح الظاهرة والحقائق الباطنة أمانات استودعها لديك ولم يجعلك مالكا لها، فالأمانة لا يملكها من ائتمن عليها وإنما يملكها من ائتمنك عليها وهو الله سبحانه الذي جعل لك دستورا لاستعمالها وهو القرآن الكريم وجاء رسول الله  بسنة واضحة المعاني تفصل المجمل وتوضح المبهم، فالقرآن والسنة هما التركة التي ورثناها من رسول الله ، فإذا أردت أن تستعمل العين فاسأل القرآن ليقول لك {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ } (النور: من الآية 30)، وإذا ما أردت أن تستعمل الأذن فاسأل القرآن ليقول لك { .. فَبَشِّرْ عِبَادِ  الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } (الزمر : 17& 18)، وإذا أردت أن تستعمل اللسان فاسأل القرآن ليقول لك مع المؤمنين { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب :70 & 71)، وكذلك أي جارحة من جوارحك وأي حقيقة من حقائقك فاسأل القرآن يجبكَ لأن القرآن فيه الضروري وفيه الكمالي، ولهذا أدعوك لمجالسة أهل العلم والمعرفة بالقرآن فهم أهل الصلاح والتقوى والصدق مع الله ورسوله، ولا يستطيع قلبك أن يسأل القرآن أو يستعمل ما في القرآن من أدوية إلا بوجود الخبير القرآني الذي تشير إليه الآية { وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } (فاطر : من الآية 14) والآية { الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } (الفرقان : من الآية59)، وأنفاس لك مع الخبير القرآني خير لك من الدنيا وما فيها، وخير لك من أجَـل طويل لا خبرة ولا معرفة ولا نور فيه.

نعود لما فينا من نعم لا تعد ولا تحصى، فنقف وقوف العاجز عن أن نحوم حول حمى أبسط وأصغر نعمة منها لنؤدي شميما من حقها علينا من شكر المنعم تبارك وتعال . وأبلغ ما نقوله هو ما علمنا به إمامنا أبو العزائم أنه عاجز عن شكر ربه وأن هذا العجز هو عين الشكر له سبحانه فيقول :

إن كان شكرك فرضًا فمن يقوم بشكرك ؟

أنت الشكور إلهي بالفضل وفق لذكرك

الشاكرون عبادٌ لن يدركوا سر قدرك

وشكرهم لك نُعْمَى واليْتهم من خيرك

قد يوجبُ الشكر فرضًا عليهمو سر أمرك

فاشكرْ إلهي عنا نعماك فضلا ببرك

إنا عجزنا جميعا عن أن نقوم بشكرك

والعجز حمدٌ وشكرٌ والعبد قد صار يدرك


وبحقيقة الشكر ندعو بما كان يناجي به الإمام أبو العزائم ربه ويتملقه في جوف الليل قائلا :

رب لك الحمد ولك الشكر على نعم لا تحصى ومنن لا تستقصى، وفضل عظيم أوليته بحنانتك ولم أكن شيئا مذكورا أن أبدعتني من العدم ولم أكن أهلا لشيء من فضلك العظيم، وجملتني يا إلهي بمعاني الجمال الإلهي إحسانا منك سبحانك وودا وجودا منك سبحانك ورفدا، حتى أعجزت العقول الكاملة عن حصر نعماك قبل نشأتي الأولى وفيها فأسألك يا ذا الفضل العظيم كما تفضلت علي ولم أك شيئا مذكورا وأحسنت إلي ولم أك أهلا ومحلا لإحسانك، أن تجعلني يا إلهي ممن سبقت لهم الحسنى وخصصتهم بمزيد فضلك العظيم من الحب والتوفيق والقرب والعناية والإقبال.

محمد نصر الدين العقاد الفيوم مصر