محمد بن إسماعيل البخاري

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الإمام البخاري(194-256هـ/810-869م)هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري . ولد في يوم الجمعة الرابع من شوال سنة أربع وتسعين و مئة للهجرة. ويروى أن الإمام البخارى قد عميَ في صغره, فرأت أمّه رؤيا جائها فيها الخليل إبراهيم عليه السلام وقال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك فأصبحت وقد شفى ابنها. واشتهر الإمام البخارى بقوة حفظه ودقته في الرواية وصبره على جمع الحديث. كانت بخارى آنذاك مركزًا من مراكز العلم تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء، واستقبل حياته في وسط أسرة كريمة ذات دين ومال؛ فكان أبوه عالمًا محدِّثًا، عُرِف بين الناس بحسن الخلق وسعة العلم، وكانت أمه امرأة صالحة، لا تقل ورعًا وصلاحًا عن أبيه. والبخاري ليس من أرومة عربية، بل كان تركي الأصل (أو فارسي الأصل). وأول من أسلم من أجداده هو "المغيرة بن برد زبة"، وكان إسلامه على يد "اليمان الجعفي" والي بخارى؛ فنُسب إلى قبيلته، وانتمى إليها بالولاء، وأصبح "الجعفي" نسبًا له ولأسرته من بعده.

نشأ البخاري يتيمًا؛ فقد تُوفِّيَ أبوه مبكرًا، لكن أمة تعهدتة بالرعاية والتعليم،و دفعته إلى العلم و حببتة فيه ؛ فشب مستقيم النفس، عفَّ اللسان، كريم الخلق، مقبلا على الطاعة، وما كاد يتم حفظ القرآن حتى بدأ يتردد على حلقات المحدثين. وفي هذه السنِّ المبكرة مالت نفسه إلى الحديث، ووجد حلاوته في قلبه؛ فأقبل عليه محبًا، حتى إنه ليقول عن هذه الفترة: "ألهمت حفظ الحديث وأنا في المكتب (الكُتّاب)، ولي عشر سنوات أو أقل". كانت حافظته قوية، وذاكرته لاقطة لا تُضيّع شيئًا مما يُسمع أو يُقرأ، وما كاد يبلغ السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك، ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين.

فهرست

[تحرير] قوة حفظ محمد بن إسماعيل البخاري

قوة حفظه: قدم محمد بن إسماعيل البخاري بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وأرادوا امتحان حفظه. فعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوها إلى عشرة أنفس لكل رجل عشرة أحاديث وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري. وأخذوا عليه الموعد للمجلس فحضروا وحضر جماعة من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم ومن البغداديين. فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث فقال البخاري لا أعرفه فما زال يلقى عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ البخاري يقول لا أعرفه. وكان العلماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون فهم الرجل، ومن كان لم يدر بالقصة يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الحفظ ثم انتدب رجل من العشرة أيضا فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال لا أعرفه فسأله عن آخر فقال لا أعرفه فلم يزل يلقي عليه واحدا واحدا حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه ثم انتدب الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه. فلما علم أنهم قد فرغوا إلتفت إلى الأول فقال أما حديثك الأول فقلت كذا وصوابه كذا وحديثك الثاني كذا وصوابه كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل. قلت هنا يخضع للبخاري فما العجب من رده الخطأ إلى الصواب فإنه كان حافظا بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة.

[تحرير] صحيح البخاري

أنظر المقال الرئيسي صحيح البخاري

هو أشهر كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي كافة. بذل فيه صاحبه جهدًا كبيرا, وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاما. ابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى، وتعهده بالمراجعة والتنقيح؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها الآن.

وشرطه في "صحيحه" هذا أعز من شرط كل كتاب صنف في "الصحيح"، لا يوازيه فيه غيره، لا "صحيح مسلم" ولا غيره. وما أحسن ما قال بعض الفصحاء من الشعراء:

صحــيح البخــاري لـو أنصفـــــوه ـــــــــــ ما خــط إلا بمــاء الــذهــــــــب

هــو الفـرق بيـن الهـدى والعمـى ــــــــــ هــو السـد بيـن الفتـى والعطـب

أســانيد مثــل نجــوم السـمــــــاء ــــــــــــ أمــام متــون كمثـــــل الشــهب

بهــا قـام مـيزان ديـن الرســــول ـــــــــــــ ودان بــه العجــم بعــد العـــرب

فيــا عالمــا أجــمع العـالمـــــون ــــــــــــــ عــلى فضـل رتبتـه فـي الــرتب

إنه الثقة الحافظ أمير المؤمنين في الحديث،أنه صاحب أصح كتاب في السنة النبوية بعد صحيح الإمام البخاري،إنه أبو الحسين الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري،والقُشيري نسبة إلى قُشير قبيلة من العرب معروفة سميت باسم جدها قُشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة(لمزيد النسب انظر:مستفاد الرحلة والاغتراب:55-56/التمييز والفصل:1/335). قال عنه الإمام النووي رحمه الله "القشيري نسباً،النيسابوري وطناً ،عربي صليبة،وهو أحد الأعلام في هذا الشأن-يعني في علم الحديث-"(شرح النووي على صحيح مسلم،1/10). ولد هذا العلم في السنة الواحدة والستين بعد المائتين للهجرة النبوية على أرجح أقوال أهل العلم،نشأ الإمام مسلم في بيت علمٍ وجاهٍ؛ فقد كان أبوه من الصالحين وكان متصدراً لتربية الناس وتعليمهم،فانظروا أحبتي إلى أهمية صلاح الأب وكونه قدوة في صلاح الأبناء وحفظهم من بعده ويكفينا في ذلك قول الحق جل في علاه:{..وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا..}(الكهف:80). تعاهده أبوه بحسن التربية ودفعه لحلق العلم؛ فكان ثمرة جهده ذلك العالم الجهبذ؛فأين من يهملون تربية أبنائهم وتوجيههم نحو الخير ثم يرجون ثمرة حلوة من هذا المثال العملي..؟.بدأ الإمام مسلم طلب العلم وسماع الحديث وهو في الثانية عشرة من عمره،وقد تأثر بأبرز مشايخه الإمام البخاري رحمه الله؛فَشُغِفَ بحب العلم وكان حريصاً على تمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها،ومعرفة علل الحديث والاطلاع على أحوال الرواة ومعرفة عدالتهم وضبطهم وأمانتهم وصدقهم ومعيشتهم ومسكنهم ومولدهم ووفياتهم ولقائهم فيما بينهم،ومقارنة الأسانيد بعضها ببعض ومعرفة اتصالها وانقطاعها وغير ذلك من فنون العلم،كل ذلك بدأ به في سن الثانية عشرة من عمره فأين شباب أمة الإسلام العظيمة اليوم..؟. أين من هم في سن الثانية عشرة..؟.بل أين من هم في سن السادسة عشر..؟.بل أين من هم في سن العشرين..؟.ما اهتماماتهم..؟.يا شباب الإسلام أولئك أسلافكم فمن أنتم..؟.أعرفتم أحبتي لما عزت الأمة يوم أن كان رجالها مثل الإمام مسلم..؟.ولما أصاب الأمة اليوم ما أصابها..؟.كان الإمام مسلم ذا همة عالية فلم يكتف بطلب العلم في مدينته بل رحل كعادة العلماء في تلك الأزمان في طلب العلم؛فرحل لمصر والشام والحجاز وعدة مدن من العراق،وكان رحمه الله قد يرحل للبلد أكثر من مرة ليلتقي بها علماء الحديث،فأين أبناء أمة الإسلام اليوم الذين يكتفون بالكتاب المقرر ولا يرحلون لطلب العلم حتى إلى المكتبات التي في مدينتهم وأحياناً حتى التي في بيوتهم من سيرة الإمام مسلم..؟.فيا أمة الإسلام نحن أمة علم وتعلم فأول أية أنزلت من كتابنا على نبينا صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }(العلق:1). تلك الهمة العالية وذلك الجد في طلب العلم جعله أحد حفاظ الدنيا يقول عنه شيخه محمد بن بشار:"حفاظ الدنيا أربعة: أبو زُرعة الرازي في الري،ومسلم بنيسابور،وعبدالله الدارمي بسمرقند،ومحمد بن إسماعيل البخاري"(تاريخ بغداد:2/16 ضمن ترجمة البخاري). ومع ذلك كله لم يكن الإمام مسلم عالة على أحد بل كان يشتغل بتجارة القماش التي درت عليه أرباحاً طائلة؛حتى كانت له أملاك وضياع يعيش منها(شذرات الذهب:1/145).فما أجمل أن يجمع المرء بين العلم والثروة والزهد؛هكذا هو إسلامنا علم غزير في عزة وشموخ؛ فالإمام مسلم فهم وطبق عملياً ما أخرجه في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ:(( الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى..))(مسلم،الزكاة،ح(1751)). تخلق الإمام مسلم رحمه الله بكثير من الخُلق الحسن فكان كثير الإحسان للناس،يتسم بالورع والعبادة والعلم الواسع والاحتياط لدينه؛لذلك عَظُمَ في أعين الناس وعلت منزلته وسمت مكانته وكان إلى جانب ذلك شجاعاً صدوقاً وفياً يقف إلى جانب الحق وأهله لا ترهبه قوة ومكانة الشخص المقابل؛ ومن شواهد ذلك أنه سمع شيخاً له يُعَرِّضُ بالإمام البخاري فأخذ الإمام مسلم الرداء فوق عمامته،وقام على رؤوس الناس،وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه،وبعث بها على ظهر حمال إلى باب الشيخ(تاريخ بغداد:13/101). الله أكبر هاهو إمام من أمة الجرح والتعديل لا يرضى بالتعريض بشيخ فكيف حاله مع الغيبة.؟.فأين بعض من ينتسبون لطلبة العلم اليوم يَدَّعُون تطبيق منهج الجرح والتعديل على العلماء فيأخذون في غيبتهم،ويأكلون لحومهم،ويتلذذون عياذاً بالله بذلك وكأن أحدهم يأكل قطعة من الحلوى.!؛بل أكثر يسجلون ذلك في الأشرطة والكتب وينشرون قبائح أفعالهم بين الناس، فنقول لهذه الطائفة هلا تخلقتم بأخلاق أئمة الجرح والتعديل أمثال الإمام البخاري ومسلم الذين لم يثبت عنهم غيبة أحد من العلماء..؟.ظل هذا الإمام يطلب العلم حتى أخر لحظة من حياته ذكر ابن الصلاح بسنده عن أحمد بن سلمه قوله:"عُقِد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة فَذُكِرَ له حديث لم يعرفه،فانصرف إلى منزله،وأوقد السراج،وقال لمن في الدار:لا يدخلن أحد منكم هذا البيت،فقيل له:أهديت لنا سلة فيها تمر،فقال:قدموها إليََّ،فقدموها،فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة، يمضغها، فأصبح وقد فني التمر،ووجد الحديث،لكنه مرض منها ومات"(صيانة صحيح مسلم:65-66).فتوفي رحمه الله سنة واحد وستين ومائتين للهجرة وعمره خمسة وخمسون عاماً وخلف خمسة عشر كتاباً مطبوعاً من أبرزها كتابه الصحيح،وثلاثة وعشرين كتاباً مفقوداً فرحم الله الإمام مسلم وجمعنا به في دار كرامته في جنة الخلد:{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}(مريم:61).

[تحرير] مراجع

  • البداية والنهاية للإمام ابن كثير الدمشقي رحمه الله

[تحرير] مواقع خارجية

يمكنك تحميل كتب الامام البخاري هنا [1] ، [2]

هذه بذرة مقالة عن حياة شخصية تحتاج للنمو والتحسين؛ فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.