معركة الكرامة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
معركة بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين من جانب والجيش الأسرائيلي ،عام 1968 وتحديدا في 21 اذار
فهرست |
[تحرير] تاريخ المنطقة
كانت هذه المنطقة قبل عام 1948 عبارة عن منطقة زراعية تسمى بمنطقة الآبار وذلك لكثرة الآبار الارتوازية فيها ، وفي الأصل كانت تسمى بغور الكبد باعتبارها جزءا من منطقة زراعية واسعة ما زالت تسمى بهذا الاسم, وعندما وقعت نكبة عام 1948 وتدفق آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى الأردن أقام بهذه المنطقة المسماة بغور الكبد أو الابار عدد كبير وكانت غالبيتهم العظمى من المزارعين وقد زارهم في هذه المنطقة الملك عبدالله الأول بن الحسين مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية واجتمع بهم وتفقد أحوالهم وسمح لهم بإقامة البيوت في المنطقة باعتبارها من أملاك الدولة ومنذ ذلك الحين أطلق عليها اسم الكرامة وكرمة من الملك عبدالله الأول بن الحسين.
[تحرير] بداية التوتر
قوبل احتلال إسرائيل للضفة غربية من نهر الأردن والتي كانت خاضهة حينذاك لحكم المملكة الاردنية الهاشمية بناءا على مؤتمر اريحا بردود فعل تمثلت في صدامات عسكرية بين وحدات صغيرة من الجانبين على طول نهر الأردن، وأدت هجمات الفدائيين إلى زيادة نشاط الدوريات الإسرائيلية بما في ذلك إطلاق النار عبر النهر، وشمل ذلك تسلل دوريات إسرائيلية عبر النهر أيضا والتي قابلها من الجهة الأخرى دوريات أردنية.
وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين عبر النهر فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب ، وبناءا عليه تزايد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 آذار 1968 في المبطقة الواقعة بيم جسر الملك حسين وجسر داميا وصاحب ذلك عدد من طلعات الإستكشاف الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن.
[تحرير] المعركة
بدأت معركة الكرامة عند الساعة 5.30 من صباح يوم 21 آذار 1968، واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة ، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على ثلاثة مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جهد القوات المسلحة المقابلة ،وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى مرتفعات السلط وعمان والكرك .. وكانت المقتربات كالتالي:
1 مقترب العارضة. ويأتي من جسر الأمير محمد /غور داميا/ إلى مثلث المصري إلى طريق العارضة الرئيسي إلى السلط . 2 مقترب وادي شعيب . ويأتي من جسر الملك حسين / اللنبي سابقاً / إلى الشونة الجنوبية ، إلى الطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب ثم السلط . 3 مقترب سويمة . ويأتي من جسر الأمير عبد الله إلى غور الرامة إلى ناعور ثم إلى عمان . 4 محور غور الصافي . ويأتي من جنوب البحر الميت إلى غور الصافي إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك.
وقد استخدم الإسرائيليون على كل مقترب من هذه المقتربات مجموعات قتال مكونة من المشاة المنقولة بنصف مجنزرات مدربة والدبابات تساندهم على كل مقترب من مدفعية الميدان والمدفعية الثقيلة ومع كل مجموعة أسلحتها المساندة من ألـ م د 106ملم والهاون مع إسناد جوي كثيف على كافة المقتربات .
[تحرير] طبيعة المعركة
تعتبر معركة الكرامة من المعارك العسكرية المخطط لها بدقة ، وذلك نظراً لتوقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة ، حيث شارك فيها من الجانبين أسلحة المناورة على اختلاف أنواعها إلى جانب سلاح الجو، ولعبت خلالها كافة الأسلحة الأردنية وعلى رأسها سلاح المدفعية الملكي أدواراً فاعلة طيلة المعركة .. وبالنظر لتوقيت المعركة نجد ان لتوقيت الهجوم / ساعة الصفر/ دلالة أكيدة على أن الأهداف التي خطط للاستيلاء عليها هي أهداف حاسمة بالنسبة للمهاجم ، وتحتاج القوات المنفذة لفترة من الوقت للعمل قبل الوصول إليها واحتلالها .. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن طبيعة الأسلحة المشاركة في تلك المعركة من الجانب الإسرائيلي / جميع أسلحة المناورة المسندة بأسلحة الإسناد والمدعومة بسلاح الجو / تؤكد أن المخطط لتلك المعركة كان قد بني
خطته على معلومات استخبارية وأمنية اتضح من خلال تقييمها حجم القوات الأردنية المقابلة وتسليحها وطبيعة دفاعها ،الأمر الذي حدا بذلك المخطط لزج هذا الحجم الهائل من القوات لتحقيق المفاجأة وإدامة الاستحواذ على عنصر المبادأة أو المبادرة لتأسيس رأس جسر يسمح باستيعاب باقي القوات المخصصة للهجوم شرقي النهر من اجل الوصول إلى الأهداف النهائية المرسومة .. وهذا يؤكد حقيقة لا مراء فيها أن التخطيط تم لمعركة بين جيشين بهدف تحقيق أهداف معنوية وإستراتيجية إذ أن زخم الهجوم ما كان ليكسر لولا أن القوة المقابلة لها في الجانب الأردني كانت كبيرة ومنظمة وتعمل من مواقع دفاعية منظمة ومخططة وفقاً لأسلوب الدفاع الثابت ، حيث أن القوات التي عبرت النهر شرقاً قد تم التماس معها منذ البداية ثم تم استدراجها ما بين الخطوط الدفاعية الأردنية على جبهة المعركة إلى أن تم امتصاص زخم هجومها في عمق المواقع الدفاعية التي تعتبر جهد الموقع الدفاعي الرئيسي حيث خاضت القوات الأردنية المدافعة بما هو متاح لها، إلا ان بعض الجهات الغير رسمية اكدت ان امراً كان قد صدر من هيئة الاركان الاردنية المسلحة بضرورة تراجع القوات الاردنية من مراكزها إلى مراكز دفاعية جديدة إلا ان قوات الحجاب الاردنية "حرس الحدود والجبهة المقابلة مباشرة مع اسرائيل" كانت أول من اعلن رفض الاوامر وبدء الرد على الهجوم.
[تحرير] اتساع جبهة المعركة
أن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تهدف إلى تحقيق هدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبد الله جنوباً . هذا في الأغوار الوسطى ، وفي الجنوب كان هناك هجوم تضليلي على منطقة غور الصافي وغور المزرعة ومن خلال دراسة جبهة المعركة نجد أن الهجوم الإسرائيلي قد خطط على أكثر من مقترب . وهذا يؤكد مدى الحاجة لهذه المقتربات لاستيعاب القوات المهاجمة وبشكل يسمح بإيصال أكبر حجم من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعها وتسليحها وطبيعتها إلى الضفة الشرقية لأحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام المبادرة ،بالإضافة إلى ضرورة أحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقا ودعمه للوصول إلى الهدف النهائي ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن جبهة المعركة تؤكد أن تعدد المقتربات كانت الغاية منه تشتيت الجهد الدفاعي لمواقع الجيش العربي وتضليله عن الهجوم الرئيسي ، وهذا يؤكد إن القوات المتواجدة في المواقع الدفاعية كانت قوات منظمة أقامت دفاعها على سلسلة من الخطوط الدفاعية بدءاً من نهر الأردن وحتى عمق المنطقة الدفاعية، الأمر الذي لن يجعل اختراقها سهلاً أمام المهاجم . وكما كان يتصور. لاسيما وأن المعركة قد جاءت مباشرة بعد حرب عام 1967.
[تحرير] أهداف المعركة
لم تكن بداية معركة الكرامة كما هو معلوم الساعة5.30 في 21 آذار 1968 فقد سبق ذلك قيام إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة من قصف جوي ومدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة ومهدت لذلك باستعداد واسع النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تغيير الحال العام بالمنطقة.. من حال الصمود الأردني العنيد ضد أرادتها إلى حال تحقق له الهدف الذي أراد الحصول عليه من حرب حزيران العدوانية وأراد العدو من المعركة تحطيم القيادة الأردنية وقواتها وزعزعة الثقة بنفسها حيث بقي الأردن يرفض نتائج حرب حزيران وبقى صامداً ثابتاً بحيويته ونشاطه وتصميمه على الكفاح من اجل إزالة أثار الهجوم عليه حيث اعتقدت القيادة الإسرائيلية أن الجيش العربي يعيش الهزيمة ومشتت الصف بعد حزيران لكنها أخطأت التقدير فبقيت القيادة العسكرية الأردنية قادرة على إعادة تنظيم القوات وبسرعة فائقة وتمكنت من ذلك بوقت قياسي ،واحتلت مواقعها العسكرية على الضفة الشرقية من النهر وبقيت روح القتال والتصميم على خوض المعركة أعلى ما تكون عليه روح القتال والتصميم في صمود أردني رائع.
أعلنت إسرائيل أنها قامت بالهجوم لتدمير قوة المقاومين العرب، إلا أن الهدف لم يكن كذلك فقبل أيام من معركة الكرامة حشدت إسرائيل قواتها لاحتلال مرتفعات البلقاء والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل والعمل على ضم أجزاء جديدة من الأردن لتحقيق الاهداف التي تتلخص فيما يلي.
1- ارغام الأردن على قبول التسوية والسلام الذي تفرضه إسرائيل وبالشروط التي تراها وكما تفرضها من مركز القوة.
2- محاولة وضع ولو موضع قدم على ارض شرقي نهر الأردن بقصد المساومة عليها لتحقيق أهدافها وتوسيع حدودها.
3- ضمان الأمن والهدوء على خط وقف إطلاق النار مع الأردن.
4- توجيه ضربات قوية ومؤثرة إلى الجيش العربي.
5- زعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وإرغامهم على النزوح من أراضيهم ليشكلوا أعباء جديدة، وحرمان المقاومة من وجود قواعد لها بين السكان وبالتالي المحافظة على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد المكاسب التي حققها على الجبهات العربية في حزيران 1967م.
[تحرير] السيطرة على الجسور
لقد لعب سلاحا الدروع والمدفعية الاردني وقناصو الدروع دوراً كبيراً في معركة الكرامة وعلى طول الجبهة وخاصة في السيطرة على جسور العبور ما منع الجيش الإسرائيلي من دفع أية قوات جديدة لإسناد هجومه الذي بدأه ، وذلك نظراً لعدم قدرته على السيطرة على الجسور خلال ساعات المعركة ، وقد أدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المهاجمة لعنصر المفاجأة ، وبالتالي المبادرة ، وساهم بشكل كبير في تخفيف زخم الهجوم وعزل القوات المهاجمة شرقي النهر وبشكل سهل التعامل معها واستيعابها وتدميرها ،وقد استمر دور سلاح الدروع والمدفعية الاردني بشكل حاسم طيلة المعركة من خلال حرمان الإسرائيليين من التجسير أو محاولة إعادة البناء على الجسور القديمة وحتى نهاية المعركة.
[تحرير] توقيت بدء معركة الجيش العربي
بدأ الجيش العربي قتاله في معركة الكرامة منذ اندلاع شرارتها الأولى وتقدم القوات المهاجمة ،حيث يقول اللواءمشهور حديثة / في الساعة5.25 ابلغني الركن المناوب أن القوات الاسرائيلية تحاول اجتياز جسر الملك حسين فأبلغته أن يصدر الأمر بفتح النار المدمرة على حشودها. لذلك كسب الجيش العربي مفاجأة النار عند بدء الهجوم من القوات الإسرائيلية ولو تأخر في ذلك لأتاح للقوات المهاجمة الوصول إلى أهدافها بالنظر إلى قصر مقتربات الهجوم التي تقود وبسرعة إلى أهداف حاسمة وهامة / مركز الثقل / في ظل حجم القوات التي تم دفعها وطبيعتها وسرعة وزخم هجومها بالإضافة إلى سهولة الحركة فوق الجسور القائمة .
لقد استطاعت القوات الأردنية وخاصة سلاح المدفعية حرمان القوات الإسرائيلية من حرية العبور حسب المقتربات المخصصة لها . ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي تكاملت شرقي النهر كانت بحجم فرقة وهي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الهجوم وبعدها لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر بالرغم من محاولتهم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت .
[تحرير] خسائر الطرفين
خسائر القوات الإسرائيلية : (أ) عدد القتلى 250 جندياً . (ب) عدد الجرحى 450 جريحاً . (جـ )تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن .
خسائر القوات المسلحة الأردنية : (أ) عدد القتلى 61 جندياً. (ب) عدد الجرحى 108 جريحاً. (جـ) تدمير 13 دبابة . (د) تدمير 39 آلية مختلفة
[تحرير] معركة الكرامة بلسان مشهور حديثة حجازي
قائد معركة الكرامة في حديث خاص لصحيفة المحرر الباريسية بتاريخ 3 نيسان 1995 :-
المحرر : قبل الدخول في سرد ذكرياتكم عن معركة الكرامة، ما هي برأيكم الأسبابالتي أدت إلى نشوبها في ذلك الحين
مشهور حديثة : دعني أشير في البداية إلى أن معركة الكرامة جاءت بعد مرور أقل من عشرة أشهرعلى هزيمة حزيران 1967 حيث كانت المنطقة كلها تعيش هاجس الحديث عن فلول الانسحابات غير المنظمة للجيوش العربية من جبهات القتال مع إسرائيل، وكانت روح الهزيمة وفقدان الثقة تسيطر على الجنود والضباط والمواطنين على حد سواء. في ذلك الوقت أسندت إلي مهمة إعادة تنظيم القوات الأردنية المتراجعة من الضفة الغربية، وقد عملت خلال عشرة أشهر بجهد متواصلمن أجل أن يستعيد الجندي ثقته بنفسه وبوطنه، وهو ما كان له أكبر الاثر في الصمود أثناء المعركة، اما فيما يتعلق بأسباب الهجوم الإسرائيلي فهي كما أعتقد ثلاثة .. أولا : معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكه مع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الأردنية ثانيا : إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني واعتقاد موشى دايان بأن هذه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة. ثالثا : إحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان.
المحرر : وكيف دارت مجريات المعركة
مشهور حديثة : أول بلاغ لي عن هجوم الجيش الإسرائيلي كان في الخامسة صباحا حيث اتصل بي الضابط المناوب، ليقول أن أول دبابة إسرائيلية تقطع الجسر الآن، فقمت من فوري واستبقت شروق الشمس بأن أديت فريضة الصلاة، ثم أصدرت اوامري بحشد القواتوالتنسيق الكامل مع الفدائيين الفلسطينيين، وكذلك مع المواطنين سكان المنطقة، الذين كنا قد زودناهم بأسلحة مضادة للدروع، فالتحم الجندي مع الفدائي مع المزارع، وسالت الدماء الأردنية والفلسطينية في وادي الأردن الاخضر دفاعا عن تراب الوطن، وكان قراري بأن يكون الضباط في المقدمة، وان لا خيار لنا بالتراجع إلى الخلف مهما كان السبب، حتى لو وصلت المعركة إلى الالتحام يدا بيد. من جهتهم كان الإسرائيليون يعتقدونبعدم وجود أي التزام بالقتال لدينا بعد هزيمة حزيران 1967 وقد بلغت الغطرسة بوزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشى دايان حد جمع الصحفيين في أريحا ودعوتهم مسبقا ليشربوا الشاي معه في مساء ذلك اليوم على مرتفعات السلط، ولكن سرعان ما فوجئ بخطأ حساباته، وعاد ليبلغ الصحفيين في المساء بأن الدعوة تأجلت حتى إشعار آخر.
لقد صمدت القوات الأردنية والفلسطينية صمودا رائعا في وجه الغارات الإسرائيلية التي لم يسبق أن واجهنا مثيلا لها من قبل، إضافة إلى كثافة نيران المدفعية وكثافة الدروع المهاجمة، ورغم أننا كنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، إلا أن صمود الجندي والقائد معا جعل الإسرائيليين يتراجعون لأول مرة، ويطلبون وقف إطلاق النار بعد مرور 18 ساعة على بدء المعركة.
المحرر : هل استطاع الجيش الإسرائيلي الدخول فعلا إلى الكرامة
مشهور حديثة : نعم دخلوا الكرامة، واشتبك الجنود والفدائيين معهم بالسلاح الأبيض، ولكن المعركة لم تكن سهلة عليهم، ولم يستطيعوا تحقيق هدف استئصال الحركة الفدائية الفلسطينية وضرب القوات المسلحة.
وهنا أقول بكل قخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الاردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة، وأذكر في ذلك اليوم أن وزير الدفاع السوفييتي عزوسيف كان في زيارة إلى دمشق فأرسل لنا برقية تهنئة على صمودنا المثالي ضد الهجمة الإسرائيلية.
المحرر : لنعد إلى تفاصيل المعركة، وتحديدا إلى التنسيق مع المقاومة الفلسطينية، من تذكر من الذين أجريت معهم التنسيق في ذلك الحين وكيف كان شكل هذا التنسيق على الارض
مشهور حديثة : اذكر أبو عمار وكذلك المرحوم أبو صبري، وقادة المواقع الفلسطينية في محور الكرامة ومحور الشونة بشكل خاص. كان هناك تنسيق على كل الجبهات، وقد أصدرت تعليماتي بأن يتم التنسيق بين الجيش وبين قوات العمل الفدائي في كل المواقع الاخرى، إيمانا مني بأن المعركة حاسمة ضد هذه الامة كلها.
المحرر : هل تعتقد أن نجاحكم في الصمود والمواجهةكان له أسباب سياسية إضافة إلى ما ذكرت من أسباب عسكرية
مشهور حديثة : السياسة لم يكن لها اي دور في هذه المعركة، والتي كانت بين قوة مهاجمة وقوة مدافعة، وكان قرارنا فيها الصمودوالانتصار بأي ثمن، فقاتل الجميع من ضباط وجنود وفدائيين جنبا إلى جنب، واستشهد عدد كبير من الضباط، وهذا مخالف لما يحدث عادة حيث تكون أغلبية الشهداء من الجنود، أما سببه فيعود إلى القرار بأن يكون الضباط في المقدمة مع الجنود، ويخطر لي هنا نادرة حدثت أثناء المعركة، وملخصها أن اللواء كاسب الجازي، وهو ابن عمي، اتصل بي فلاحظت أنه يتحدث بصوت منخفض، وسألته من أين تتكلم، فقال من الخندق الامامي القريب إلى المدرسة، وهو أول خندق على النهر، فقدم بذلك مثالا على صمود القادة، رغم أن الاموار كانت تعطيه الحق بالتراجع عن هذه المنطقة
المحرر : وكيف حدث وقف إطلاق النار
مشهور حديثة : لقد تلقيت اتصالا من القيادة يقول لي ان إسرائيل تطلب وقف اطلاق النار. وبأمانة أقول لك أيضا أنني اصلت رغم ذلك قصف تجمعات الجيش الإسرائيلي حتى خرجوا من المعركة.
المحرر : هل تعني أنك لم تلتزم بوقف إطلاق النار
مشهور حديثة : لا لم ألتزم
المحرر : وماذا بالنسبة للإسرائيليين
مشهور حديثة : لقد التزموا وتوقف الطيران عن قصف مواقعنا
المحرر : وهل كنتم تقصفون تجمعات الجيش الإسرائيلي على الاراضي الاردنية فحسب، ام داخل فلسطين
مشهور حديثة : كنا نقصف المحاروحيث ينقلون آلياتهم، وكذلك المراكز الرئيسية الداخلية حتى لا نعطيهم حرية الانسحاب بسلام، ونجعل من هذا الانسحاب تراجعا انهزاميا
المحرر : وما هي برأيك أهم نتائج المعركة في ذلك الحين
مشهور حديثة : أهم نتائجها أن حركة المقاومة نمت بعدما اضطراد، وكبر الأردن بين أشقائه فتاقى دعما اقتصاديا ثم وهذا هو الأهم سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي، خاصة وان قواتهم التي حشدوها للمعركة كانت تزيد على قواتنا بنسبة 15/1 وكنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، ولو توفر لي هذا الغطاء لاستطعت أسر الآلاف منهم، بل ولقررت العبور إلى الاراضي الفلسطينية. لقد حسب دايان حساب كل شيء غير أنه لم يحسب حساب الارادة
المحرر : أخيرا، كيف تنظر إلى اتفاقات السلام مع إسرائيل بوصفك قائدا لإحدى أهم المعارك العسكرية ضدها
مشهور حديثة : نحن دعاة سلم، وديننا يدعو إلى السلم، ومنذ خمسين عاما ونحن في حالة حرب بدون نتيجة لكن ذلك لا يعني التنازل عن حقوقنا
نريد أن يكون السلم مشرفا يعيد حقوقنا المسلوبة، وإسرائيل تريد السلم والارض والاقتصاد معا، أنا لا اعتقد أن هذا السلم يخدم الامة، واعتقد انه اعطى إسرائيل ما لم تكن تحلم به طوال تاريخها، وهو الدخول إلى الامة العربية لتوطيد أحلام إسرائيل الكبرى حتى ولو بالمعنى الاقتصادي والنفسي في المنطقة العربية
المحرر : وما هي رؤيتك للمستقبل
مشهور حديثة : هذه فترة من تاريخ الامة العربيةوستنطوي دون شكلان الامة العربية ذات التاريخ والإمكانيات الكبيرة لا يمكن لإسرائيل السيطرة عليها وتهينها، فأنا اعتقد أن المستقبل سيكون لصالح هذه الأمة، لا يوجد مستحيل، وقد كانت معركة الكرامة درسا مبكرا من أصغر قوة في المنطقة، أي القوة الأردنية، بإمكانية الانتصار اذا توفرت الارادة

