مرجع الحرية والديمقراطية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

[تحرير] مرجع الحرية والديمقراطيّة وفتاوى أهل الزّمان وفتاوى أهل الزّمان والبلدان ...

من بوراوي سعيدانة

لم يكن هنالك بدّ من أن ينزل الحجاج بن يوسف الثقفي ضيفا علينا في مطار تونس قرطاج الدّولي حيث حظي باستقبال رسمي وشعبيّ منقطعي النظير .. كانت الرؤوس المشرئبة إلى الطائرة المقلة لفخامته والوفد المرافق له تفسح لهم المجال لكي يراه كلّ الحاضرين بما في ذلك البشر والحيوان والحجر..
وبمجرّد حلول الطائرة أطلقت سبع طلقات من المدافع وعلت أصوات الفرق النحاسية والماجورات والفرق الشعبية وغير الشّعبيّة وهتافات الجماهير والحشود..
وكان في استقباله على المستوى الرسمي كبار شخصيات البلاد والعباد من بينهم مفتي الديار والعباد والأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي وجمع من الوزراء والولاة ورئيس بلدية الحاضرة ورئيس منظمة حقوق الإنسان ورئيس منظمة العفو الدولية ورئيس جمعية الصّحافة بلا حدود وممثلو وكالات الأنباء والأخبار المحلية والعالمية ونخبة من الفتيات الجميلات يحملن باقات الورود والزهور...
كانت الوفود مختلفة الأحجام والألوان والانتماءات الأمر الذي يتعذّر وصفها وسردها جملة أو تفصيلا وما على الذين يرغبون في متابعة الاستقبال إلاّ أن يشاهدوا ذلك عبر القنوات الفضائية العالمية والوطنية التي قطعت جميعها برامجها العادية لتنقل الخبر إلى العالم بوصفه خبرا عاجلا جديرا بالاهتمام والمتابعة مثل مقابلات كرة القدم العالمية.. وعند الوصول التقفته عدسات المصوّرين من الصّحافيين والصّحافيّات ومراسلي وكالات الأنباء العالمية والوطنية وشُهد ازدحام كبير تعذّر علينا التقاط صورة وصفيّة دقيقة لما يجري بالقرب من مدارج الطائرة الرّاسية في مطار تونس قرطاج الدّولي..


أحد الصحافيين المقرّبين قال : نزل الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي من مدرج الطائرة وعليه عمامة خزّ حمراء منتكبا بندقية كلاشنكوف وملثّما بلثام قوفية فلسطينية مرفوقا بوزيره روح بن زتباع الجُدامي وقائد جيشه المتلمّس بن أحوص ومستشاره الخاص عبد الله بن طاهر والجنرال ابن زياد بن أبيه ومستشارة الأمن القومي الأمريكي الفاضلة كندليزا رايس وجمع كبير من المستشارين والعملاء.
كان الضّيف يتبهنس في مشيته يتخطّى الرّقاب ولم يستطع أحد أن يرى ملامح وجهه لوجود اللّثام عليه..
يقول الإمام الذّهبي في السّير: كان ظلوما جبّارا ناصبيّا خبيثا سفّاكا للدّماء وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه..
والحجاج بن يوسف الثقفي ولاّه عبد الملك بن بوش الأكبر حين اضطرّ إلى فتح مكّة بعد أن احتلّها الطّاغية عبد الله بن الزبير وكان عبد الملك هذا من فقهاء المدينة فتعلّم من شيوخها وزبانيتها ما يكفيه لكي يبقى في البلاد بمفرده مُطاعا مُهابا من كلّ من دبّ وهبّ أحبّوا ذلك أم كرهوا .. وقد أمر حين تولّى خلافة المسلمين والكافرين بأن يحوّلوا القبلة إلى بيت الأبيض في واشنطن لأن الثّواب يتضاعف أضعافا والذّنوب وإن كثرت وتفاقمت اضمحلّت وذابت كما يذوب الجليد لأن الطّقس حارّ في مكّة وبارد في واشنطن بوست..
وما لنا ولأمير المسلمين والكافرين هذا والحال أنّ ممثله وواليه في العراق يزور بلادنا حاملا معه جملة من مقترحات الفتنة الدّاخليّة والخارجيّة التي علينا اتّباعها والانصياع إلى تعاليمه ومناهجه بكلّ إذعان فالرّجل معروف بسياسة التّغطرس وضرب الأعناق أينعت أو لم تينع بعد..
وبلادنا هذه الصّغيرة في حجمها الكبيرة بعبادها لا شكّ أنّها ستكون نقطة العبور إلى العالم العربيّ والإسلامي الذي لم يتّعظ بوعظ مجلة الأحوال الشخصية وحقوق المرأة ودروس مقاومة الإرهاب ونموذج الديمقراطية الصحيحة والاقتصاد الحرّ المتنامي والجمعيات المدنية بما في ذلك رابطة الجمعيات القرآنية والسّاهرين على قوت العباد والبلاد من كلّ جنس ونوع ودين ولا دين..


في جواب عن سؤال أحد الصحفيين قال الحجاج بن يوسف الثقفي:
ـ لقد أتينا هذه البلاد لأنّها كانت آمنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغدا فكفر أهلها بالنعمة التّي أعطاهم الله إيّاها فابتلوا بنا..
فنحن ممّن يفعل الخير فلا يُسرّ به ويفعل الشرّ فلا يُساء به ..
وبنزوله نزلت قوّات من الأمن مختلفة الأنواع والأحجام لتسيطر على كامل مساحة المطار والفضاء الذي يخترقه الحجّاج ومرافقوه وكان من بينهم السفيرة الأمريكية بالبلاد ورئيس المخابرات المركزية المعروفة بالسي إي آي ..
وفزع من أهل البلاد من كانت له زوجة جميلة خشي عليها من عيون الحجاج بن يوسف الثقفي .. فهم على علم بالتاريخ وأحداثه ويعرفون معرفة اليقين بأن خليفة المسلمين والكافرين إذا سمع بامرأة جميلة اشتهاها ولو كانت متزوجة بوالي البلاد فلا أمان لها مع زوجها وسلطانه.. فكما مُنعت عن النّاس بركات أرضهم المعطاء التّي تذهب في صناديق معلّبة ومُزوّقة إلى بلدان العجم فكذلك مُنعت عليهم زوجاتهم الجميلات منهن خاصة..
يومها ضبطت الشرطة وحرس الحدود كمّيات كبيرة من الكوكايين قيل إنها تجاوزت 500 طنّا أو أكثر ويبدو أنّها كانت محمولة في طائرة مستقلّة تتّبع موكب الحجاج بن يوسف الثقفي وقيل إنّها من الهدايا التّي أتى بها الحجاج من دولة أفغانستان بعد احتلالها من وليّ الأمر من المسلمين والكافرين عبد الملك بن بوش الأكبر حماه الله ورعاه.. وقال أحد السّائلين من إحدى وكالات الأنباء العالمية :
ـ ما هو مشروعكم من الخيانات التي تنخر النّظم الإسلامية والعربيّة؟
قال الحجّاج:
ـ إنّ نظرية السلطان الجائر قد تجاوزتها الأحداث ولذلك أُعدم الرئيس المخلوع صدّام حسين فالنّظام العالمي في حاجة إلى نوع جديد من الديمقراطية والحريّة..ذلك أنّ لغة الخطاب الاستبدادي والقمعي والارتكاز على التّهديد والتّهويل والتّنكيل والاغتيال والاعتقال لم تعد سياسة ناجعة..
قال المراسل:
ـ ولكن هذه كانت صفاتك ..
قال:
ـ كانت كذلك ولا خير فيها فأنا حجّاج النّظام العالمي الجديد الذي يمسح على الرؤوس قبل قطفها ويُداعب المارقين والمعارضين قبل قطع رقابهم ..
وأثناء اجتماعات منها ما هو مضيّق ومنها ما هو موسّع أمر الحجاج بن يوسف الثقفي والي البلاد بأن يُكثر من دور اللّهو والتّرفيه والاعتناء بالشّباب وذلك بدعم العناية بألعاب الحظّ والبروموسبور والسيبارسبور ومنح الحريّة الفنية للقنوات الفضائية المستقلة بدعم الفن والموسيقى والرّقص والإكثار من تدوير الوسط والتلوّي الجسدي إناثا وذكورا.. كما أصرّ الحجّاج على تعديل المناهج التّعليميّة وذلك بترسيخ الفكر المستنير من أمثال "حديث النسيان " وحديث الغثيان وحديث الهذيان والنّهل من هدي " أولاد حارّتنا " و" أهل كهف الحكيم" و"ذاكرة الجسد" وغيرها من الكتب العصرية القيّمة.. ولا يشكّ اثنان أو أربعة أو ستّة من أنّ الجهاد هو جهاد في حبّ الوطن.. ولا تتأكّد الوطنيّة إلاّ في مقابلات كرة القدم الدّوليّة ومدى موالاة المواطن الحرّ النزيه فريق بلاده والمُخلّ بذلك فقد أخلّ بالوطنية وهو خائن ويُصنّف ضمن الطّابور الخامس أو العاشر الخائن للبلاد وعبادها.. أمّا اللّجوج اللّدود الحقود الحسود من يقف ضدّ هذا المشروع وهو إمّا إرهابيّ أو رافضيّ أو معاد للسّاميّة ويجب أن يخضع لتهجير قسريّ داخل الوطن أو أن يقتل قتلة جميلة لا يسيل فيها دم.. وعلّقت كثير من الصّحف الوطنية والعالميّة معقّبة أنّ عهد سلب الحرّيات العامّة وسفك الدّماء والاعتقالات والتّنكيل قد زال مذ وطأ الحجّاج أرض الوطن لأنّ مشروع النّظام العالمي الجديد لا يعني فوضى خلاّقة ولا فوضى تولّد فوضى بل فوضى واعية تجعل أهل البلاد ينهمكون وينشغلون في أمورهم الخاصّة ولا يُسمح فيه للمواطن أن يسأل عن أخيه المواطن إلاّ في يوم التّضامن الاجتماعي لجمع التبرّعات أو في المناسبات الصّعبة الّتي تجد فيها الحكومة نفسها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها وواجباتها والردّ على خصومها..
ولذلك فإن من قرأ التّاريخ وظنّ أن الحجاج بن يوسف الثقفي طاغية ويقتل على الشّبهة وأقلّ من ذلك فهو مخطئ لأنّ هذا التّاريخ كتبه المعارضون والمُناوؤن للدولة الأمويّة ونسوا إنجازاتها وفتوحاتها ومدى توسيعها خارطة الأمّة العربية والإسلامية.. وهل كلّ هذه الانجازات غير كافية لنسيان العدل الّذي يبقى أملا منشودا وطُموحا دائما في أذهان الشّعوب المستضعفة في الأرض؟.. وبما أنّ الأرض لا يرثها إلاّ الصّالحون فإنّ الصّالح بيّن والطّالح بيّن وبينهما ألف توضع أو تُحذف على حرف " الصّاد" ذلك كلّ ما في الأمر..


حرفت في 28 مارس 2007