مستخدم:Hadeel kamil

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

[[اثر الاسلوبية في بناء العمل الدرامي التلفزيوني]]

ان لكل انسان فلسفته الخاصة في الحياة التي تشكل ملامح شخصيته وطريقة تعامله واسلوب حياته وان كان لم يتقصد ذلك ...فالاسرة وطريقة التربية والبيئة التي ينشأ بها الفرد تحدد مسار حياته والصورة الخارجية لسلوكه فكيف بالمبدع الذي يتعامل مع مفردات المادة ليعيد بث الحياة الجمالية فيها.

ان الفلسفة الخاصة والرؤيا الشخصية والموقف من العالم والحياة حيثيات لابد من توفرها في المبدع لتشخص اسلوبه الخاص في الابداع الفني على مختلف اشكاله.

ولقد اهتم النقد كثيراً بالاساليب الابداعية للمبدعين ...شعراء او رسامين او مخرجين او ممثلين ...حيث وصل الحال الى ان الناقد يمكن ان يجزم بأن اللوحة الفلانية تعود الى الرسام الفلاني ... والفلم الفلاني يعود الى المخرج الفلاني ... من دون الرجوع الى الاسم المثبت على اللوحة في مقدمة الفلم.

والدراسات في مجال تحديد الاسلوبية قديمة جداً في كافة مجالات الادب والفنون واللغة والشعر ولقد (نشأ علم الاسلوب في الحقيقة من مدرسة قديمة في علم اللغة والتاريخ وكان ذلك علماً لغوياً)-1- ... الا ان الدراسات الاسلوبية في الفن قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمبادئ الشكل والمضمون لان المخرج من خلال طريقة العرض والتقديم واختيار الموضوع الذي يتجانس معها يستطيع ان يجد له مسار او طريقة او كما يسمىاسلوباً (فالتعاون الوثيق بين الشكل والمعنى هو سر الاسلوب الاكبر) -2- ...حيث ان عناصر الصورة هي الوحدات الشكلية التي يركبها المخرج لتقديم الفكرة بأختزال معبر وموحي .... لذا يمكن ان نعالج فكرة ما عدت معالجات فنية وتقدم بعدة اشكال من قبل عدة مخرجين كلٌ حسب اسلوبه في التقديم ....والمخرج الذي لا يحدد اسلوباً خاصاً به في التعامل مع المادة الدرامية لا يمكن ان يجد طريقه للوصول الى خلق هوية واسم يميزه عن الاخرين بطريقة تشكل العمل وهيئته وقوامه الذي يقدم فيه (ودون وجهة نظر وهدف محدد وقصد معلوم لا يمكن للمرء ان يضع اية تصورات مؤثرة)-3- .

ويستطيع الدارس والناقد ان يميز بين مخرج وآخر في حركة السينما العالمية والعربية من خلال استخدامهم لعناصر الصورة وتركيبها حيث (ان الاسلوب في الفلم بوصفه عملاً فنياً ينتج من عناصر متعددة مثل تأثير الايقاع والتكوين واللون وتفاعل الضوء والظل وايقاع حركة الكامرة ...كل هذه الاشياء تجتمع لدى المخرج ...فهو يختار اسلوبه من خلال اختياراته وعينه الابداعية المدركة للجمال) -4- .

وهذه الوحدات التقنية التي تضع خيارات عديدة تتطلب من المخرج مواصفات خاصة ...اولها العين المدربة والحس المرهف والفلسفة التي يتفرد بها كي يصوغ مادته الفنية ولذلك فأن طريقة تعامل المخرج مع المادة الدرامية هي انعكاس شرطي ومعادل موضوعي لفهمه الحياة واسلوبه المعيشي ...... وكثيراً ما يقال ان العمل الفلاني هو تعبير لا شعوري عن ازمة حياتية مر بها المخرج ....ولعل افلام السيرة التي اتسمت بها افلام المخرج المصري يوسف شاهين مثل ( عودة الابن الضال ...حدودة مصرية ....الاسكندرية ليه....اسكندريه كمان وكمان) خير مثال على اثر فلسفة المخرج وموقفه من طبيعة افلامه حيث (منبع الفن واساسه هو نزعة الانسان التي تمثل تجربته الحياتيه واستنباط مفهومها ودلالاتها القيمية وتثبيت هذا الاستنباط وايصاله الى الاخرين عن طريقة استعادة التجربة) -5- ...

وهذا يؤكد ان المخرج له ارتباط جذري بتركيب المجتمع فهو يعكس تقاليده ونظمه وتتشكل لديه خبرات متنوعة وطويلة كونه فرداً متميزاً بحساسية انتباهه للظواهر الحياتية وبهذا فهو ينقل تجربته الشخصية لعمله الفني ليبلورها ويؤثر في مشاهديه من خلال مفردات نراها غالباً ما تتكرر في معظم اعماله الفنية.

ولو اعتمدنا اسلوب المخرج الايطالي (فيدريكو فيلليني)مثالاً على ما ذهبنا اليه لوجدنا انه من اهم الاسماء بين المخرجين الذين اكدوا الاسلوبية في اعمالهم ونقصد بها المنهج في الاخراج الذي شاع في النصف الاول من القرن العشرين (والذي يعارض المذهب الطبيعي الذي يسعى لتصوير الواقع كما هو بينما تعتمد الاسلوبية على تكثيف الموجودات في المشهد واختصارها لتركيز الانتباه على المؤدي بصفته اهم اداة لدى المخرج) -6- .

ونجد هذا المنهج واضحاً بصورة خاصة عند فيلليني (... فأذا كان صحيحاً ان الانتاج الالماني التعبيري هو الذي ادخل بالقوة المذهب الفلسفي الذاتي الى السينما فيجب الاقرار بأن الايطالي فيلليني هو الذي اكد هذا الاتجاه)-7- .

لقد مر هذا المخرج بطفولة قاسية تركت آثاراً واضحة المعالم في افلامه .... فهو يلجأ الى مبدأ التسجيل لومضات خاطفة من ذكرياته وانطباعاته الذاتية التي ميزت اسلوبه في بناء العمل والذي يصوغه بشكل كرنفالي في معظم افلامه حيث نجد ذلك واضحاً في (الطريق...المهرجون...المقابلة...ساتيريكون) حيث ان الطابع الاحتفالي الزاخر بالالوان وبريق الاضواء الساحرة والشخصيات البهلوانية والازياء المبهرجة صارت قاسماً مشتركاً في كل افلامه ..... وهكذا نرى ان لكل مخرج منهج خاص واتجاه واضح يقوده الى اهدافه الفنية ضمن مفردات تكاد تكون متكررة يشكل علامة مميزة وبصمة خاصة به.

الهوامش

1. هاف،غراهام،الاسلوب والاسلوبية ،ترجمة كاظم سعد الدين ،دار افاق عربية ،بغداد 1985 ص108 . 2. ويليك،رينيه،مفاهيم نقدية ،ترجمة د.محمد عصفور ،عالم المعرفة العدد 11 الكويت 1987 ص54 . 3. سبرزسني،بيتر،جماليات التصوير والاضاءة في السينما والتلفزيون،ترجمة فيصل الياسري،دارالشؤون الثقافية العامة ،بغداد 1992 ص9 . 4. Regnerjson,A.j,The work of the divector,communication arts books,hastiny house,1970,p15 5. صليحة،د.نهاد ،المسرح بين الفن والفكر ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة 1985 ص11 . 6. تريلز،كرستوف،معجم المسرح ،دار هنشيل للفن والمجتمع ،برلين 1977 ص518 . 7. غرامون،روبير لافون،السينما المعاصرة ،ترجمةموسى بدر ،شركة نرادكسيم ،جنيف 1977 ص86 .


هديل كامل

دمشق

hadeel1967@yahoo.com

http://hadeelkamil.jeeran.com