مواطنة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


المواطنة هي وحدة الانتماء والولاء من قبل كل المكون السكاني في البلاد على أختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي للوطن الذي يحتضنهم,وأن تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بناءه وتنميته والحفاظ على العيش المشترك فيه.

وحسب القوانين الاخيره المعدلة دوليا فان من يحصل على جنسية اي دوله يتم بالشروط التاليه حسب الامم المتحده 2005: ==


1)عن طريق المكوث:اي اذا ولد ابن في دوله معينه من والدين من جنسيه

اخرى لا تمنح مباشرة للابن (حسب القانون المعدل)حيث يجب مراعاه القوانين للدوله التي جنسيه الوالدين منها بالاضافه للدوله التي ولد الطفل بها.حيث لا يمكن ان يتحول مواطن لدوله اخرى مباشره كما كان في السابق بل يكون صاحب الجنسه ينوي ان يصبح مواطن دائم في الدوله التي سيأخذ جنسيتها كشرط اساسي.

طبعا في المستقبل بعد ان يمر سن ال18 اذا ما زال يريد الجنسيه فعليه ان يصبح مواطن دائم في الدوله وان يبقى في دولة والديه بترخيص من تلك الحكومه وبشكل مواطن مؤقت.وحسب القانون المعدل فان من الواجب ان تسأل الدوله الاهل اذا ما زالوا ينون جعله مواطن دائم في الدوله!!(اذا كان قانون الدولة ينص على ذلك)

وهل هم متأكدون ومتاكدين انهم يريدون من الابن ان يكون كامل الجنسيه.وان لا يكون مواطن في دولتهم الخاصه.

(حسب البند 19 والبند 63)

من القانون المعدل صيغه أ'

2)عن طريق الدم:تنتقل الجنسيه من الاب إلى الابناء عن طريق الوراثه دون

الاهتمام بمكان الولاده ولا تعطى الجنسيه مباشره اذا كان ولد في دوله معينه

ووالده يملك جنسه اخرى اذ يجب مراعاة شروط الدوله التي يعيش فيها,حيث في

كثير من الدول يوجد تناقض وما يسمى بالتمييز.

حسب البند 12 والبند 29-30)من القانون المعدل صيغه أ'   


وطبعا حسب القوانين المعدله فانه يسمح للشخص للحصول على جنسيتين كحد اقصى كذلك والتعدد لا يجوز الا ضمن قوانين الدولتين التي هو منها اصلا والتي يريد الحصول عل جنسيتها


عن موقع الامم المتحده وحقوق الانسان العالمي,

اخر تعديل 30-11-05 تعديل دون جلسه*

عدل عن طريق جمعيه حقوق الانسان والمواطنه الاوروبيه وتم المصادقه عليها من المم المتحده.*

المــقدمــة

     "المواطنة " قضية أزلية أبدية، تعاود طرح نفسها بإلحاح على ساحة الاهتمام العام كلما دعت المتغيرات المهددة لتماسك الكيان الاجتماعي لدولة ما، ومصرنا  كما لا يغيب عن فكرنا وخاطرنا على مفترق مصائر متباينة، في غمرة  عديداً من المشكلات ، الأمر الذي يٌلحٌ علينا بوجوب التصدي لما أصاب المواطنة من علَلْ، استلهاماً ًللتاريخ المصري الناصع، امتدادا بحدوده الجغرافية ومروراً بحقبه الزمنية ، وما يواجهه من تحديات ، واستيعاباً لتحولات إقليمية  وعالمية، وسعياً لترميم حياتنا الاجتماعية، وتقويم أحوالنا السياسية ، والتسلح بأدوات التكنولوجيا والمعلوماتية ، وتدعيماً لقدراتنا السيكولوجية، عَلنا نسهم بلبنات فيما نطمح إليه من راسخ بناء . والمواطنة المصرية  Egyptian citizenship  أو "مواطنون لا رعايا"، شعار ينبغي أن يسود حياتنا بمختلف مناحيها، وأن يترجم إلى ممارسات فردية ومؤسساتية على أرض مصر, وإن كانت المواطنة شأناً عاماً، فإن التصدي لبحثها وكشف مُعيقات تحقيقها، واستجلاء سبل تفعيلها، هو جهد ُمُناطُ بأهل الفكر، والباحثين بمختلف العلوم الإنسانية.

مفهوم المواطنة بشكل عام ، وعرفها على انها كلمة مشتقة من كلمة الوطن صفة تلحق بشخص معين ينتمي إلي وطن يحمل جنسيته ويتخذه مكانا ومقرا يقيم فيه عادة . و مفهوم المواطنة يستند ويرتكز على عدة مباديء دستورية عند الممارسة وذلك فور اكتساب الجنسية وتشمل تلك المبدأ مبداء سيادة الشعب ، و مبدأ المساواة أمام القانون ، ومبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساهمة في الحياة العامة. ثم تحدث بعد ذلك عن المفهوم الجنسى او النوعى للمواطنة بمعنى انه لايجب ان تفرق التشريعات القانونية ما بين الرجل والمراءة أو استبعادها أو المساس بحقوقها الشخصية والاجتماعية والنفسية والثقافية والسياسية والمدنية علي أساس النوع. ثم ان المفهوم الاجتماعى للمواطنة هو ضرورة عدم التمييز بين المواطنين في تولى المناصب العامة على اساس وضعهم الاجتماعى وحالتهم المادية. وفى هذا الاطار ننتقد فكرة التمثيل النسبى للاقليات نظراًلان التمثيل النسبي نظام قائم علي معني الأحزاب السياسية ووجوب تمثيلها تمثيلا يتكافأ مع قوة أنصارها حتى تجتمع المنازع السياسية في مجلس النواب بحسب قواتها الصحيحة . ثم إن الأقليات السياسية أقليات متحولة وقد تصبح أكثرية بعكس الأقليات الجنسية أو الدينية فإنها ثابتة وهي فضلا عن ذلك لا تمثل فكرة خاصة ولا يمكن أن توجهه سياسة البلاد توجيها خاصا .

الفرق بين المواطنة ومعاني أخرى تعريف بعض المصطلحات القريبة في المعنى, ربما يفيد في تسليط الضوء وزيادة الوضوح ، حيث سيبين أن المواطنة هي ، درجة أعلى من المساواة ، ومن الجنسية : • المواطنة : تحقيق للمساواة في الفُرص بين مواطني الدولة الواحدة. • المساواة : حقوق وواجبات متساوية. • الجنسية  : قاعدة قانونية واحدة (عامة ومجردة) للتمتع بجنسية الدولة. • الوطنية  : مشاعر وأحاسيس تجاه الوطن. • الوطن  :أرض وشعب وتاريخ وثقافة مشتركة. • الدولة  : كائن قانوني اعتباري مكون من ، أرض وشعب وحكومة. • القومية : صفات وراثية مشتركة ، جينية وثقافية. • الهوية : أوراق رسمية توضح الجنسية .


الفصل الأول

المفهوم الحقيقي للمواطنة

أثارت مقترحات التعديلات الدستورية جوا من الحوار حول دائرة واسعة من قضايا الشأن العام لعل من أهم جوانبها النقاش حول مبدأ المواطنة‏,‏ وإلي ماذا يشير هذا المفهوم‏,‏ وهل هو فكرة جديدة علي حياتنا السياسية‏,‏ ولماذا يطرح الآن؟‏.‏ والحقيقة أن المواطنة ليست مصطلحا أو مفهوما جديدا علي الحياة السياسية المصرية‏.‏ فمصر دولة تاريخية قديمة‏,‏ انصهرت المكونات المختلفة لشعبها عبر التاريخ في بوتقة جعلت من هذه المكونات نسيجا موحدا يقوم علي أساس المعيشة المشتركة‏.‏ وجاءت الثورات المصرية في أعوام‏1952,1919,1882‏ لتؤكد أن المواطنة هي أساس بناء مؤسسات الدولة المصرية الحديثة‏.‏ ومن الناحية النظرية يشير مفهوم المواطنة إلي ثلاثة جوانب‏.‏ فهو أولا‏,‏ يتضمن علاقة قانونية هي علاقة الجنسية‏.‏ وهي علاقة بين الفرد والدولة بمقتضاها تسبغ الدولة جنسيتها علي عدد من الأفراد وفقا للقوانين المنظمة ذلك‏.‏ وهو ثانيا‏,‏ يشير إلي علاقة سياسية تشمل مجموعة من الحقوق والحريات والواجبات‏.‏ فالمواطنون وحدهم هم الذين من حقهم الاستفادة من الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها هيئات الدولة‏,‏ وهم وحدهم الذين يحق لهم ممارسة الحقوق السياسية كالانتخاب والترشيح وتكوين الأحزاب‏,‏ وهم وحدهم أيضا الذين عليهم واجب أداء الخدمة العسكرية‏.‏ ومؤدي ذلك أن مفهوم المواطنة يرتبط ارتباطا وثيقا بمشاركة المواطن في الحياة العامة‏.‏ ثم هو ثالثا‏,‏ علاقة معنوية وعاطفية ترتبط بحب الوطن والولاء لمعطياته ورموزه من لغة وتاريخ وثقافة وغير ذلك من رموز الهوية والانتماء‏.‏ وبالنسبة لأغلب الناس‏,‏ فإن الجوانب الثلاثة للمواطنة تتطابق مع بعضها البعض‏.‏ أي أن أغلبية مواطني دولة ما يعيشون علي أرضها‏,‏ ويشاركون في أنشطة مؤسساتها السياسية والاجتماعية‏,‏ ويرتبطون معنويا برموزها‏.‏ ولكن ترد استثناءات علي ذلك مثل الأشخاص الذين يحملون جنسية أكثر من دولة ويمكنهم ممارسة حقوق المواطنة في الدولتين وفقا للقوانين المنظمة لذلك‏.‏ من ناحية أخري‏,‏ قد ترد قيود علي ممارسة بعض حقوق المواطنة كحق الترشح للبرلمان ومثال ذلك الحكم الصادر في مصر بمنع مزدوجي الجنسية من الترشيح لمجلس الشعب أو بمنع من لم يؤد الخدمة العسكرية من هذا الحق‏.‏ هذه المفاهيم‏,‏ في جملتها‏,‏ ارتبطت بظهور الدولة الوطنية الحديثة وتبلور العلاقة بين المواطن والدولة علي نحو غير مسبوق في التاريخ‏.‏ فالمواطنة تشير في معناها القانوني إلي أحد أركان الدولة الحديثة وهو‏'‏ الشعب‏'‏ الذي يتكون من مجموعة الأفراد الذين تمارس مؤسسات الدولة ولايتهم عليها ويخضعون لقوانينها‏.‏ ومن ثم‏,‏ فإن حدود الجماعة السياسية المصرية تتماثل مع حدود المواطنة المصرية‏,‏ ويشارك فيها المصريون دون سواهم‏.‏ وبنفس المنطق‏,‏ فإن المواطنة تمثل رباطا سياسيا بين المواطن والدولة يكون من شأنه ترتيب مجموعة من الحقوق والواجبات العامة لعل أهمها انفراد المواطنين بالحق في اختيار حكامهم من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة‏,‏ وأن يكون لهم دورهم في الرقابة علي سلوك الحكام من خلال مؤسسات تمثيلية منتخبة‏,‏ وكذا من خلال الرأي العام وهيئات المجتمع المدني‏.‏ ومن هنا نشأ الارتباط الوثيق بين مبدأ المواطنة وفكرة تكافؤ الفرص والحقوق المتساوية من ناحية‏,‏ وكذلك ارتباط هذا المبدأ بالنظام الديمقراطي من ناحية أخري‏.‏ فلا مواطنة بدون مساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن الدين والمذهب والنوع والأصل‏,‏ وهذا هو جوهر المادة‏40‏ من دستورنا الحالي‏.‏ ويكون من تبعات المواطنة الحقة التأكد من تمتع جميع المواطنين بهذه الحقوق وبحث المعوقات التي يمكن أن تؤدي إلي عدم تحقق ذلك بالنسبة لمجموعة أو أخري منهم‏.‏ من ناحية أخري‏,‏ فإنه ليس من المبالغة القول بأن ممارسة حقوق المواطنة بشكل كامل تتطلب توافر نظام سياسي ديمقراطي‏.‏ فالمواطنة والديمقراطية صنوان ووجهان لعملة واحدة‏.‏ فممارسة حقوق المواطنة تتطلب مناخا ديمقراطيا‏.‏ وبنفس المنطق‏,‏ فإن ممارسة الحقوق والحريات السياسية والاجتماعية يكون من شأنها ترسيخ قيم المواطنة ودعم مشاعر الولاء والانتماء للوطن‏.‏ فعندما يدرك المواطن بأن صوته ورأيه يساهمان في تحديد الأولويات ورسم السياسات العامة‏,‏ فإن من شأن ذلك زيادة ارتباطه ببلده ووطنه‏.‏ وهكذا‏,‏ فإن المواطنة هي فكرة جامعة تضم بين ظهرانيها أبناء الشعب الواحد علي تنوع المكونات الدينية والسلالية والعرقية والقبلية والطائفية التي يشملها هذا الشعب‏,‏ وهي بمثابة‏'‏ القاسم المشترك‏'‏ الذي يربط بين هذه المكونات ويحقق ترابطها وائتلافها الوطني في إطار الدولة‏.‏ ومن الخطأ البالغ قصر مفهوم المواطنة علي علاقات التنوع الديني مثل العلاقة بين أبناء الديانات المختلفة في مجتمع ما‏.‏ فذلك يمثل أحد جوانب المفهوم الذي يشمل أيضا ضمان المساواة بين المواطنين علي أساس النوع أي العلاقة بين الرجال والنساء‏,‏ والمساواة بين المذاهب والطوائف الذين ينتمون إلي نفس الدين‏,‏ والمساواة في الخدمات بين المواطنين الذين يعيشون في مناطق مختلفة من إقليم الدولة‏,‏ وضرورة توفير الخدمات الأساسية لكل المواطنين بغض النظر عن مكان إقامتهم‏,‏ وكذا المساواة بين المواطنين دون اعتبار للأصل أو اللون‏.‏ ومؤدي ذلك أن علاقة الدولة بمواطنيها هي علاقة سياسية وقانونية في المقام الأول تنهض علي المساواة بين جميع المواطنين‏,‏ وأن تكون الجدارة والكفاءة هي الأساس في التمتع بالحقوق والخدمات التي تقدمها هيئات الدولة‏.‏ أما عن لماذا الآن والأسباب التي دعت إلي اقتراح إدخال مبدأ المواطنة في المادة الأولي من الدستور كأساس تقوم عليه الدولة‏,‏ فإن السبب الرئيسي يكمن في متابعة ما يحدث في عدد من الدول العربية التي تتعرض اليوم لعمليات‏'‏ التجريف‏'‏ الاجتماعي والطائفي تحت تأثير أفكار وتوجهات مذهبية وطائفية مسمومة تقسم أبناء الوطن الواحد علي أساس الدين أو الطائفة أو الأصل أو العرق‏.‏ ومطلوب منا جميعا حماية بلادنا من تأثير هذه الأفكار المسمومة والاتجاهات الفاسدة‏,‏ وذلك من خلال إعادة الاعتبار لمبدأ المواطنة الذي سعت بعض الآراء إلي التهوين من شأنه والتقليل من قدره لحساب ولاءات أخري‏.‏ فالمواطنة هي العمود الفقري والأساس الدستوري لكافة الحقوق والحريات في الدولة‏.‏ ومن ثم‏,‏ تصبح‏'‏ حقوق المواطنة‏'‏ هي أساس جميع الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية التي ينص عليها الدستور والقانون‏.‏ ويكون شيوع ثقافة المواطنة هو تأكيد لثقافة الديمقراطية‏,‏ وتأكيد للحقوق المتساوية لكل المواطنين‏.‏ ومن الضروري تأكيد أن النص علي أن الدولة المصرية تقوم علي مبدأ المواطنة في الدستور هو ليس نهاية المطاف‏,‏ بل أن يكون هذا النص منطلقا لممارسات فعلية تضمن تطبيق حقوق المواطنة وحرياتها‏,‏ وأن تتوافر نظم المتابعة والرقابة القانونية والسياسية والشعبية لهذه الممارسات‏.‏ بهذا‏,‏ يتحول مبدأ المواطنة من نص دستوري إلي واقع حي معاش يلمسه المواطنون في حياتهم اليومية‏.‏ إن مصر وطن لكل المصريين‏.‏ وطن يقوم علي العيش المشترك الواحد لكل أبناء الشعب‏.‏ لذلك كان من الطبيعي أن يحظي الاقتراح بتعديل المادة الأولي من الدستور بشأن مبدأ المواطنة بدعم كافة الأحزاب المصرية وتأييدها‏.‏



الفصل الثاني المواطنة ثقافة وسلوك وتاريخ


لقد تحدث الكثيرون على المواطنة وروح المواطنة وثقافة المواطنة، ورغم ذلك لازلنا نشعر بامتياز بأزمة المواطنة. وهذا يجرنا إلى القول بأن الجوانب المدنية والقانونية والسياسية من حقوق المواطنة وواجباتها ليست كافية للتعبير عن مراعاة وتكريس مبدأ المواطنة وثقافتها، لأنه إلى جانب ذلك هناك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي لا يمكن ممارسة مبدأ المواطنة على أرض الواقع دون تقرير الحد الأدنى من هذه الحقوق والضمانات للمواطن حتى يكون للمواطنة معنى ويتحقق بموجبها انتماؤه وولاؤه لوطنه وتفاعله الإيجابي مع مواطنيه. عندما يتحقق هذا تنتقل المواطنة من كونها مجرد توافق أو ترتيباً بين المواطنين في الحقوق والواجبات قيمة اجتماعية وممارسة سلوكية. كيف ذلك؟ قبل محاولة الاقتراب من الإجابة على هذا السؤال لا مناص من التطرق ولو سريعاً إلى معنى المواطنة وصفاتها ومجالها وشروطها. يقال أن المواطنة هي حقوق وواجبات المواطن، ومن هذه الحقوق: - المساواة والعدالة في الحقوق بينه وبين بقية الأفراد ولابد أن يشعر بهذه المساواة وهذه العدالة في جميع نواحي حياته اليومية سواء في التعليم أو العلاج أو فرص العمل، وعدم شعوره بأن هناك تمييز وطبقية. - - كذلك من هذه الحقوق تأمين فرص عمل كريمة للمواطن يستطيع من خلالها أن ينعم بالعيش ويستطيع من خلالها تلبية متطلبات حياته وحياة أسرته اليومية حتى لا يضطر إلى أن يعيش فقيراً دليلاً بدون عمل أو يبحث عن المحرمات - ومن الوجبات مثلاً: - الحفاظ على الوطن من خلال الدعوة إلى المواطنة الصالحة والتمسك بحقوقه والقيام بواجباته على أحسن وجه - التعاون مع بقية المواطنين من أجل المصلحة العامة - أداء الضرائب....إلخ

- إذن يمكن اعتبار أن المواطنة هي القيام بالواجب والحفاظ على حقوق الجميع في ظل وحدة التعدد والتوحد المتمايز. وأظن أن هذا المعنى كفيل أن يزيل أي تفاضل في هذا الشأن بين المواطنين، ما دامت المواطنة في درجتها الأدنى هي مساواة أمام القانون في الوازع والناظم والرادع. لكنها ليست هذا فقط، أي أنها ليست مجرد حقوق وواجبات، وإنما هي كذلك ثقافة مجتمعية وآليات ضبط العلاقات يتوجب اكتسابها والتمرس في أدائها - فالمواطنة تتجاوز وبكثير الإعزاز بالعلم وتشجيع المنتخب الوطني أو التطوع للدفاع عن الوطن حينما يتعرض لأي خطر - إن المواطنة الحقة لا تتحقق إلاّ إذا علم المواطن حقوقه كاملة (مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية)، وبعد علمها عليه ممارستها والسعي لتحقيقها وعدم التنازل عنها - وبهذا المعنى تكون المواطنة في نهاية المطاف هي انتماء للوطن، ودرجة المواطنة مرتبطة بمدى الشعور بهذا الانتماء اعتباراً لكون الانتماء هو الارتباط الوثيق بالوطن. وبتعبير آخر المواطنة هي أن تعطي للوطن بقدر ما تأخذ منه، وهذا هو الحد الأدنى للمواطنة وقوامها - لكن مع الأسف الشديد إن ما نعانيه حالياً هو السعي وراء الآخذ من الوطن دون عطاء، وهذا انحراف قد يتمظهر في الفساد والزبونية والمحسوبية وتقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وانتهاز الفرص لتحقيق المصالح على حساب حقوق الغير واستغلال النفوذ والشطط في السلطة واستعمال المواقع لغرض تنمية المصلحة الضيقة وخدمتها والاغتناء والكسب عبر هضم حقوق الغير وانتهاكها وغير ذلك من الانحرافات التي أضحت هي القاعدة في حياتنا اليومية بالمدينة والجهة - علماً أن من صفات المواطنة الحقة الأمانة والصدق والإخلاص والجدية والإنتاج، وانتهاك هذه الصفات هو ضرب للمواطنة في صميمها. ولا تكتمل المواطنة إلا بالإحساس بأبعاد المسؤولية - أما فيما يخص مجالها، فإن المواطنة ليست حصراً على مجال دون سواه وانما هي تتسع لكل مجالات ومجريات الحياة بأكملها سواء تعلق الأمر بالفرد أو الجماعة - لكن هل هناك من شروط لتحقيق المواطنة بالمنظور المقدم منذ قليل؟ - أوّلاً وقبل كل شيء لابد من ملاحظة وهي أنه لا يمكن ملامسة مقاربة تقوى على تحديد تلك الشروط دون الأخذ بعين الاعتبار هموم ومعاناة المواطن. ففهم هذه المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عموماً هو الكفيل بحشد الوعي الحقيقي بضرورة ترسيخ صيغة المواطن في شكلها الإنساني الأرقى، وبالتالي ترسيخ روح المواطنة التي لا تقبل أي فرق أو تمييز مهما كان نوعه ومصدره. - وإضافة إلى هذا، من شروط تكريس المواطنة هناك الأخلاق والقيم والمبادئ وتطبيق القانون وكذلك الترابط بين الأخلاق والقانون - إذن لابد من رد الاعتبار للبعد الأخلاقي للممارسة السياسية وممارسة المسؤولية. وهذا يتطلب درجة من الشفافية والمصداقية والأمانة، لازالت في حاجة للمزيد من التكريس في مدينتنا وجهتنا - كما أنه لا مواطنة بدون أخلاق وقيم ومبادىء. فإذا لم تكن الأخلاق والقيم والمبادئ هي الأساس وهي المنطلق فلا جدوى فيما يسمى بتخليق الحياة العامة، لأنه يمكن ابتكار "قوالب" لإفراغ هذا الشعار وهذا المطلب من محتواه ومعناه، وهذا ما نعاينه في أكثر من مجال - كما من شروط المواطنة تطبيق القانون في جميع الظروف لجعل دولة الحق والقانون واقعاً يومياً قائماً وممارسة يعاينها الجميع وسلوكاً عمومياً يلتزمه الجميع. فلا يمكن تصور اقرار دولة الحق والقانون دون سيادة الأخلاق التي بدونه لا معنى لا للوطنية ولا للمواطنة. إذ أن أن الحق والقانون يقومان بالأساس على الصدق والإخلاص. كما أنه لا قانون بدون انتماء. وهنا تبرز العلاقة العضوية بين المواطنة والإقرار بدولة الحق والقانون.لأن احترام القانون لا يجب أن يكون نابعاً من الخوف وإنّما هو تعبير عن قمّة الشعور بالانتماء، وبالتالي يمثل أعلى درجة في تكريس المواطنة. كما أن الحرص الشديد على تطبيق القانون هو ذِرْوة المواطنة. وعندما يصل المرء إلى هذه الدرجة من الوعي والمسؤولية تختفي الحدود بين المواطنة كإنتماء للوطن والوطنية كولاء لهذا الوطن.

- لذلك نقول أنه من شروط المواطنة الحرص على الترابط بين الأخلاق والقانون وهذا الترابط هو الذي يشكل القاعدة الصلبة للمواطنة - فما هو واقع المواطنة بالقنيطرة وجهتهت وما هي تجليات ضعفها؟ - لمحاولة الإجابة على هذا التساؤل علينا أن نتعامل مع المواطنة ليس كمعطى عام موضوعي مسلم به، وإنما كما هي ممارسة على أرض الواقع.

- تمر مصر اليوم بظروف صعبة، وقد يتساءل المرء ألا يتحمل سكانها والقائمون على الأمور بها والمسؤولون والفاعلون والمواطنون العاديون مسؤولية هذا الواقع؟ ألا تملك مصر القدرة على تغيير هذا الوضع، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وبيئياً، وعلى صعيد التجاوب الحضاري، وذلك لتحقيق الحلم البسيط لأي مواطن من ساكنتها في عيش انساني اقتصادي يضمن كرامته ويكرس حقوقه ويسمح له بالقيام بواجباته على الوجه الأكمل؟ - لقد أضحى من المعروف حالياً أن ما يحصل في مصر من مشاكل وترهل هو نتيجة لتراكمات وُكِبَت بظروف تاريخية غريبة لعب فيها العامل السياسي الدور الرئيسي.

- إلا أن أول خطوة للتخلص من هذا الوضع هي تفعيل آليات تكريس المواطنة وثقافتها، باعتبار أن واقع المواطنة عندنا لازال رديئاً.

- هل يمكن تكريس المواطنة دون توفير الرعاية الصحية؟ وهل من المواطنة أداء الضريبة المضافة على الدواء؟

- يمكن الإستمرار طويلا في طرح مثل هذا الأسئلة التي لا حصر لها لتبيان تجليات ضعف المواطنة وثقافتها عندنا.

- عموماً هناك سيادة غياب الإخلاص في القول والعمل، واختفاء الصدق في العمل والممارسة اليومية، وسيادة قيم غريبة من قبيل يجب أن يكون للمرء جملة من الحيل و المكائد لأن هذا الزمان لا يعمل إلا بالخداع و المكائد - ومن قبيل أترك الأمور تسير- ومن قبيل: إن فعل الخير تجني منه المتاعب و وجع الدماغ - ومن قبيل: عليك أن تخدعه قبل أن يخدعك

- وهذه كلّها مفاهيم وتصورات تتنافى مع روح المواطنة وثقافتها. كما تتنافى مع مفهوم المواطنة في الإسلام.

- ولابد أن نقول ان المواطنة وفق الرؤية الإسلامية تتمثل في صلاح المجتمع وتحقيق مقاصده الشرعية وعلاقات الحقوق والواجبات ومستوى تقديم المصالح سواء كانت عامة أو خاصة. وتنحصر ركائز المواطنة من المنظور الإسلامي في الحاكم والوطن والمواطن ، والوطن في المنظور الإسلامي هو البلد المطمئن الذي يقيم شرع الله يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، يراعي واجبات وحقوق الحاكم والمحكوم، ويقوم على المناصحة والشورى ويسعى لرقي ونماء المواطن. وتحدد حقوق وواجبات المواطنة في السمع والطاعة لولي الأمر واحترام النظام وعدم الخيانة وعدم خدش كرامة الوطن والدفاع عنه وتنمية اقتصاده والمحافظة على ممتلكاته ومرافقه. ومسؤولية المواطنة انطلاقاً من المنظور الإسلامي موضوعة على عاتق الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسات الحكومية.

- لقد أضحينا نعاين ضُعفاً وضموراً متزايداً وبوثيرة متسرعة في هذا الشعور بالانتماء إلى الوطن، وقد وصل هذا الضمور جداً مخيفاً، وبالتالي من الطبيعي جداً أن يوازيه كذلك وبنفس الدرجة ضعف بارز في الولاء للوطن - ولا يخفى على أحد أن الأوطان ومستقبلها يبنى بالانتماء للوطن والولاء له. وبالتالي فلا نماء للإنسان سواء في مدينتنا وجهتها أو غيرها بدون الشعور بالانتماء.- وهذا يفرض علينا، أكثر من أي وقت مضى البحث في الأسباب والمسببات التي أدت إلى ضمور ذلك الشعور لمواجهتها والتصدي إلى ضمور ذلك الشعور ولمواجهتها والتصدي إليها على مختلف المستويات - على مستوى الأسرة - على مستوى الحي والدوار- على مستوى المؤسسة التعليمية - على مستوى المدينة - على مستوى مصالح الدولة وإداراتها - على مستوى القطاع الخاص - على مستوى الهيئات المنتجة، سياسية أو مهنية- على مستوى ممارسة القائمين على الأمور ونهج اضطلاعهم بمهامهم ومسؤولياتهم - على مستوى المجتمع المدني وتوفير الشروط لتمكينه من القيام بمهامه. وفي النهاية فان المواطنة شرف، لذلك فإن المسئولين على الأمور والساهرين على تدبير الشأن المحلي إن هم لم يلتزموا بالقواعد الأخلاقية والأصول المهنية والضوابط القانونية، فإنهم يشكلون أكبر عرقلة لتكريس المواطنة لتوجيهها وجهتها، وبالتالي لاسترجاع الشعور بالانتماء للوطن. إنهم مطالبون قبل غيرهم حالياً أن يعطوا للوطن و يجزلوا في العطاء، ولا أن يأخذوا من الوطن دون عطاء، كما هو الحال في أكثر من ميدان ومجال. وعلينا أن نعلم أنه لا سبيل لتقدم مدينتنا وجهتها قوّيتين إلا بتجانس أبنائهما إلا بتكريس روح المواطنة ولا سبيل أمامنا إلاّ هذا. وهذه مسؤولية الفرد والأسرة والمجتمع والدولة. فلن تكون مدينتنا وجهتها قوّيتين إلا بتجانس أبنائهما، ولن يتأتى هذا التجانس إلا بإدراك معنى المواطنة الصادقة قصد العمل على تكريسها لتصبح سلوكاً يومياً.


الفصل الثالث المواطنة والانتماء  !! إنهم يتحدثون عن المواطنة؟ يتناقشون ويتحاورن ،يتفقون ويختلفون...ورغم أنهم يجتمعون على أهميتها في ظل حالة الحراك السياسى في بلادنا المحروسة سيما الدخول في المراحل النهائية لتعديل الدستور وجعل المواطنة أصل لهذه التعديلات المزمعة،إلا أننا كثيرا ما نخرج عن أصل الموضوع ونتطرق لشعارات رنانة لا محل لها من الإعراب دون أن نلمس جذور المشكلة وبالتالى نخرج بحلول هامشية لا تشفى الغليل. ربما لا يختلف اثنان عن معنى المواطنة فلو سألت رجل الشارع العادى لقال لك المواطنة بالنسبة له تعنى المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات،ويتصور البعض جهلا أو تجاهلاً إن المساواة هنا مقصود بها انه لا فرق بين مسلم ومسيحى،وهذا معنى قاصر للمواطنة.فالمواطنة لا تفرق –ولا يجب أن تفرق- بين مسلما سنيا ومسلما شيعيا أو حتى مسلما بهائيا، كذلك لا يجب أن تفرق بين مسيحي أرثوذكسي أو مسيحي كاثوليكي أو مسيحي إنجيلي (بروتستانتي).فالأصل في المواطنة أن الجميع أمام القانون سواسية لا أفضلية لدين أو مذهبا ًعن أخر . كذلك المواطنة تعنى المساواة التامة والكاملة بين الرجل والمرأة،فلا فرق أو تمييز نتيجة للجنس،فللمرأة كافة حقوق الرجل من تولى المناصب العليا والتدرج في سلك القضاء بل لها الحق في الترشيح لرئاسة الجمهورية مادامت مواطنة مصرية و كائناُ عاقلا.ويمكننا تلخيص معنى المواطنة في النقاط التالية : اولاً : المواطنة تعنى فصل الدين عن السياسة التاريخ خير شاهد على فشل الدمج في تسييس الدين أو تديين السياسة،ارجعوا إلى عصر الخلفاء الراشدين ألم يُقتل ثلاثة من الخلفاء بحد السيف نتيجة الخلط بين السياسة والدين.الم يبدأ التناحر بدءا من اجتماع السقيفة عندما نشب الخلاف بين الأنصار والمهاجرين على من أحق بالخلافة ؟ألم يقل عبد الملك بن مروان عندما انتصر على مخالفيه وقتل مصعب بن الزبير بالعراق ونشر المصحف يوم توليه الخلافة وقرأ فيه ثم طبقه وقال: هذا آخر عهدي بك !! ارجعوا إلى العصور الوسطى والتى يطلق عليها المؤرخين عصور الظلام ،لتروا كيف جمعت البابوية بين السلطة الدينية والسياسية بين الكنيسة والدولة،حتى أن الناس في هذه العصور لم يعرفوا سوى مجتمع سياسى واحد هو المجتمع المسيحي،وانتشر واستشرى الفساد في كل ربوع أوربا نتيجة الدمج والخلط بين كل ما هو دينى وما هو سياسى وصار البابا هو الحاكم بأمره الأمر الناهى،فهو رأس الكنيسة والمتحدث الرسمى باسمها،نائب المسيح،المعصوم من الخطأ،وفى ذات الوقت هو رأس الجهاز السياسى والزعيم الدينى الملكى. حتى اعتبره المعاصرون بان البابا هو ملك الملوك وأمير الأمراء.فلا عجب بعد ذلك أن تنهار المسيحية الكاثوليكية مع تفشى الفساد في البابوية وينفجر عصر الإصلاح الانجيلى وتزدهر أوروبا سياسيا واجتماعيا وحضاريا. فما أحوجنا في مصرنا العزيزة،أن نتعلم من دروس الماضى ونأخذ العبر،ونبادر بأخذ زمام المبادرة بتفعيل المواطنة قولا وعملا،وألا تكون مجرد بنداً في الدستور نتشدق به وقت الأزمات.وان ندرك جيداً ان السياسة والدين لا يجتمعان معاً. ثانياً : المواطنة تعنى المشاركة بان يُشارك الجميع في بناء الوطن،وأن يكون حب الوطن ذو أولوية،وهذا لا يعنى التنازل عن القيم الدينية التى يعتنقها كل فرد،فمن مبادئ اى ديانة أعلاء شأن الوطن والمشاركة الفاعلة في بناءة،فكلنا شركاء في الوطن،لا أفضلية لأحد عن أخر،فعلينا ألا نكون متفرجين أو متابعين عن بعد بل فاعلين ناشطين نحو رفعة وطننا والدفاع عن كل طائفية تحاول تجزئته،فمن يتابع الأحداث في لبنان يرى كيف أن التناحر الطائفى بين أبناء الوطن الواحد ،يكاد يفرض العزلة على لبنان.لسنا نريد أن نكون لبناناً جديدة في ظل الظروف التى تعانيها بلادنا فما أحوجنا للتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد. ثالثاً : المواطنة تعنى قبول الآخر إن كان الإنسان عدو من يجهل فهو صديق من يعرف،فعلينا نشر ثقافة التعددية وقبول الآخر،فقبول الأخر لا يعنى بالضرورة أن أقدم تنازلات إيمانية أو عقائدية،لكنه يعنى أن الدين للديان،ولا احد يمكنه أن يزعم انه يملك الحقيقة المطلقة،أو أنة مدافعا عن الله،فكيف يعرف المواطن المسلم تاريخ المسيحية وهو تاريخ مهمل في المناهج التعليمية،فالحقبة القبطية اختزلت في ورقات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة وكأن المسيحيين من جنس وعرق آخر أو مواطنين درجة ثانية. فما أحوجنا أن نعرف بعضنا البعض، لنقبل بعض وان يتغلب الانتماء الوطنى على الانتماء الدينى،ويكون بحق "الدين لله والوطن للجميع" وتعود مصر لسابق عهدها ملجأ للحب والتسامح،ألا يذكرنا هذا بالثورة الوطنية في عام 1919 عندما خرج الجميع بيد واحدة تحت شعار "عاش الهلال مع الصليب" وقتها اختفت النعرات الدينية فما أحوجنا للعودة للفكر الليبرالي والذي فيه نقبل بعضنا البعض ونعيش معا من اجل الوطن. من الواضح أننا نعيش الآن في حالة حراك ونشاط واضح نحو استعادة المواطنة المفقودة،سواء كانت فُقدت بعمد أم غير عمد،فالفرصة متاحة لكل الوطنيين والمحبين لهذا الوطن في تأسيس وتأصيل فكر المواطنة وتفعيلها،فالرهان الآن على جموع الشعب المصرى في كل مكان ،الرهان بين الوطنيين والمحبين لهذا البلد وبين المتشددين الحاقدين...فمن سيكسب الرهان ؟!.إن غدا لناظره قريب. الفصل الرابع اثر التعليم في تدعيم قيم المواطنة والانتماء اعتدنا في مصر علي إ ثارة قضية المواطنة كلما شهدت المحروسة أزمة طائفية ـ دينية‏,‏ وعادة ما يجري استحضار المفهوم والعزف عليه بشكل انتقائي يهدف بالأساس إلي القفز فوق الحقائق‏,‏ وطمسها‏,‏ وتنتهي المهمة بمشاهد مصطنعة مركبة لرجال دين يتعانقون ويتبارون في التغني بحب الوطن‏,‏ والوحدة الوطنية الراسخة‏,‏ دون أن يعني أن أيا منهم يفهم معني المواطنة أويدرك مكونات هذا المفهوم‏,‏ فهو ينفذ تكليف رئاسته الدينية الذي تلقفته بدورها من قيادة سياسية أو أجهزة تنفيذية أو جاء وليد حسابات مصلحية ضيقة‏.‏ وفي مرحلة تالية بات استخدام مصطلح المواطنة في مصر مرتبطا بالتوظيف السياسي والإيديولوجي‏,‏ وكثيرا ما جرت العودة إلي المفهوم لتحقيق أهداف تناقض جوهر قيمة المواطنة فالمواطنة كمفهوم يرتكز إلي تعريف واضح ومحدد يشير إلي انها العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات‏,‏ وهو مايعني أن جميع أبناء الوطن الذين يعيشون فوق ترابه سواسية بدون أدني تمييز قائم علي أي معايير تحكمية مثل الدين أو العقيدة‏,‏ أو الجنس أو اللون أو المستوي الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري أوالثقافي‏,‏ وبهذا المعني فان المواطنة تعني المساواة الكاملة بين المواطنين في الحقوق والواجبات والمساواة لاتتوقف عند حدود النصوص الدستورية والقانونية‏,‏ بل لابد أن تنتشر بين المواطنين وتغدو ثقافة مشتركة‏,‏ ولا يعدو أي مكون من مكونات المواطنة محل تساؤل أو تشكك‏,‏ والمساواة أيضا تكون بمثابة شعور مشترك يستقر في وجدان أبناء الوطن جميعا‏,‏ وغني عن البيان أن قيمة المواطنة تطعن في الصميم إذا ما شعرت فئة من المواطنين وتحديدا علي أساس من عناصر الانقسام الأولية ـ وهي الدين‏,‏ العرق‏,‏ اللغة ـ بأن لديها ميزة نسبية علي غيرها من المواطنين بسبب ما توارثته من عنصر من هذه العناصر الأولية مثل الدين واللغة‏,‏ لاسيما إذا ماكان في مكونه الثقافي والإيديولوجي مايلح عليه بأنه وبسبب ماورثه من هذه العناصر يتمتع بأفضلية علي غيره من البشر إن لم يكن هو الأفضل علي الإطلاق‏.‏ ويبدو مهما للغاية الانتباه إلي هذه القضية والتي تتمثل في قناعة بعض المواطنين أو قطاع منهم بأنهم الأفضل‏,‏ والأعلي لعوامل لاعلاقة لها بالعمل أو الكفاءة أو الأخلاق أو الانجاز‏..‏ الخ‏,‏ وإنما لأنه من نسل مجموعة عرقية أو لغوية أو دينية معينة‏,‏ وهنا لامجال للحديث عن الوطنية والمواطنة‏,‏ وإذا جري الحديث عنها فسوف يكون لأهداف لاعلاقة لها بالقيمة ذاتها‏.‏ وإذا مانظرنا إلي الحال في مصر فسوف نجد بالفعل مشاكل جمة تكبل قيمة المواطنة وتجعلها منقوصة بل ومجروحة علي الرغم من أن مواد الدستور المصري تنص علي المساواة وحرية الرأي والاعتقاد وغيرها من القيم الإنسانية‏..‏ إلا أن المشكلة تأتي من تداخل الديني بالاجتماعي والسياسي‏,‏ وانتشار الثقافة الدينية التي تري في المشابه العقيدي في أقصي أركان المعمورة أقرب للنفس من شريك الوطن الذي هو علي عقيدة أخري‏.‏ ولم يتوقف الأمر في مصر عند حد انتهاك حقوق المواطنة‏,‏ بل بدأنا نشهد ظاهرة مركبة تتمثل في التوظيف الانتقائي الموقفي لمكونات جوهر وأساس قيمة المواطنة مثل المساواة‏,‏ حرية الرأي والاعتقاد‏..‏ بدا واضحا أن هناك حالة ذهنية يشارك فيها البعض تنطوي علي شن هجوم استباقي علي الأقباط أو فصيل منهم‏,‏ باستخدام مصطلح الاستقواء وبات هذا المصطلح يستحضر باستمرار كلما همت مجموعة من المصريين إلي مناقشة حال الوطن والمواطنة‏,‏ وأرادت أن تناقش قضية المواطنة بشفافية وتجرد وفي الحقيقة فان مصطلح الاستقواء الذي كثر استخدامه من قبل فصيل من الإسلام السياسي ومؤيديهم إنما ينطوي علي تجاوز غير مقبول‏,‏ فمصطلح الاستقواء هو في جوهره مصطلح استعلائي ينطوي علي احتكار الوطنية للذات‏,‏ ويمنح النفس حق إصدار الأحكام علي شركاء في الوطن‏,‏ يلقون بالمصطلح التهمة ـ دون أن يرفقوه بمؤشرات ودلائل علي هذا الاستقواء‏,‏ ولأن الهدف من وراء استخدام المفهوم أو المصطلح هو الردع أو الهجوم الاستباقي من أجل الردع‏,‏ فان النية مبيتة للخلط بين الأقباط وجماعة محدودة من أقباط المهجر‏,‏ ويجري التعامل مع أي جملة تصدر عن شخص ما‏,‏ باعتبارها تمثل رؤية الأقباط ومكنون قلبهم‏,‏ وتطلعاتهم‏.‏ هذا في حين أن بعض هؤلاء الداعين إلي الضغط الدولي من أقباط المهجر يتم استقبالهم رسميا من قبل الدولة المصرية التي تجري معهم حوارات لاعلاقة للأقباط المصريين بها‏,‏ ولاعلم لهم بما يجري من اتصالات تحتية بين مثل هذه العناصر وبين أجهزة الدولة المصرية‏.‏ أكثر من ذلك يبدو واضحا أن الذين يتحدثون من منطلق الاستهجان عن الاستقواء القبطي بالخارج‏,‏ هم أكثر دعاة مساندة الأقليات الإسلامية بجميع أشكال الدعم في أي مكان في العالم‏,‏ وهم أول من دعا إلي نصرة الأخوة في الشيشان والبوسنة والفلبين من منطلق التعاضد الديني‏,‏ ووفق هذا التصور فان استقواء الأخوة هناك بالخارج الإسلامي يسمي تعاضدا وتساندا ويراه فصيل آخر نوعا من الجهاد والذي ينطوي في جوهره علي الاشتراك في العمل المسلح‏!!‏ وبدا الأمر مثيرا حقا عندما جري الحديث من قبل أنصار هذا التيار عن قيم المساواة وحرية العقيدة وحرية الرأي والتعبير‏,‏ حيث اختاروا واقعة محددة ـ هي واقعة وفاء قسطنطين ـ للدلالة علي انتهاك حرية العقيدة في مصر‏,‏ وهنا نقول بوضوح شديد ان القضية ينبغي ان تكون مبدئية ومجردة من أي حسابات ذاتية ومن ثم لابد ان تطرح علي نحو شامل يتعلق بحرية الرأي والاعتقاد علي أساس مبدئي‏,‏ والسؤال هنا هل هذا المبدأ متحقق في مصر الآن؟ الاجابة‏:‏ لا إنه أمر غير متحقق في مصر فحرية الاعتقاد متاحة فقط‏,‏ بل ومرحب بها رسميا لمن يريد أن يشهر إسلامه‏,‏ أما العكس فدونه قائمة طويلة من العقبات ومن بعدها المخاطر‏.‏ وعند الحديث عن مسرحية كنيسة الإسكندرية جري استحضار مبدأ احترام المقدسات والمعتقدات وعدم المساس بها‏.‏ وهو مبدأ مهم لايمكن تحقيق تماسك وطني في أي مجتمع تعددي من الناحية الدينية دون أن يستقر في البنية القانونية وفي وجدان المواطنين‏,‏ ونعني مبدأ الاحترام المتبادل للأديان والمقدسات والمعتقدات‏,‏ كما يراها أبناؤها لا كما يراها أبناء الدين أو العقيدة الأخري‏,‏ أي أن أبناء الدين الواحد أوالعقيدة الواحدة هم الذين يحددون ما هو مقدس في دينهم أو عقديتهم ومن ثم وجب علي الجميع احترامه وتقديره‏.‏ وإذا قلنا انه لايمكن إطلاقا التسامح مع أي مساس بالعقائد الدينية‏,‏ فاننا نقول بوضوح شديد في المقابل هناك عشرات وربما مئات الكتب والكتيبات‏,‏ وشرائط الكاسيت التي تملأ المحلات وتباع علي الأرصفة وبرامج تليفزيونية وخطب دينية تجرح في العقيدة المسيحية وتتناولها بالتهكم‏.‏ وعند الحديث عن دور التعليم في مصر‏,‏ فالحديث يطول‏, والدراسات المتخصصة التي تتحدث عن كوارث التعليم المصري بدءا من الحديث عن مبدأ التلقين‏,‏ انتهاء بتديين القصص والروايات وحتي موضوعات البيئة‏,‏ إضافة الي وجود كوارث حقيقية في مناهج التعليم للصفوف الابتدائية والتي تصل إلي وضع كلمة مسيحي كتضاد لكلمة مسلم في أحد دروس اللغة العربية‏.‏ نحن نريد مصر وطنا آمنا مستقرا تترسخ فيه القيم الإنسانية وتتقدم فيها مساحة المشترك علي حساب الطائفي‏,‏ وهي عملية تتطلب إيمانا أصيلا بهذه المبادئ باعتبارها مبادئ إنسانية لاصلح لمجتمع دونها‏,‏ ولا نهضة ونمو وتطور بعيدا عنها‏..‏ نحن في حاجة الي رؤية تطرح كل القضايا بشفافية كاملة وصولا إلي رؤية كلية مشتركة تنهض علي تكريس قيم المواطنة والمساواة‏,‏ رؤية تحترم العقائد والمعتقدات الدينية وتقر بمبدأ حرية الرأي والاعتقاد رؤية تؤمن بأن مصر للمصريين وأن قيمة المواطنة تسمو فوق أي اعتبار آخر‏,‏ إذا تحقق ذلك فان لبنة راسخة ستوضع في أساس صلب لمجتمع متماسك يؤمن بقيمة المواطنة ويتطلع إلي دولة مدنية عصرية حديثة‏.‏ نظام التعليم في مصر.. لا يساعد علي تنمية قيم المواطنة.. بل يشكل عقبة أمام ترسيخ قيمة الانتماء للوطن

هدف التعليم هو نشر الإيمان بالعلم والمنهج العلمي.. ولكن نظامنا التعليمي يشيع الخرافات والخزعبلات والدروشة والغوغائية ، التعليم الأزهري أصبح نظاما تعليميا كاملا ومستقلا ومغلفا.. يدخله التلميذ المسلم من الحضانة إلي نهاية التعليم الجامعي.. دون أن يصادف تلميذا قبطيا في حياته التعليمية كلها د. فتحي سرور سمح حين كان وزيرا للتعليم لأبناء المصريين بدخول المدارس القنصلية المخصصة لأبناء الدبلوماسيين الأجانب فأصبح لدينا تلاميذ مصريون يدرسون المناهج التي يدرسها الألمان في بلادهم والفرنسيون في بلاد الجن والملائكة.. وهكذا الفقراء يتعلمون في المدارس الحكومية المجانية التي لا تملك الكثير لتقدمه في سبيل المواطنة مناهج وأنشطة وقضايا النص القانوني علي التزام جميع المدارس الخاصة في مصر لمناهج وخطط وزارة التعليم يصعب وضعه موضع التطبيق بسبب عجز الوزارة عن ممارسة إشراف فعال علي تلك المدارس نظامان تعليميان كاملان ليسا ملزمين بتعاليم الوزارة ومناهجها هما التعليم الأزهري والقنصلي.. والمدارس الخاصة أصبحت مؤسسات قوية تستعصي علي الإشراف الحكومي الفعال مناهج التعليم تخلو من الإشارة لمشاكل مهمة مثل التطرف والإرهاب والفقر والبطالة وكثير منها يميز بين أبناء الوطن تدريس تاريخ المرحلة القبطية في مقررات التعليم العام لايزال مثار مد وجزر بين الوزارة والمتطرفين الذين يعدون المناهج الدارسية.. والمناهج تخلو من تنأول التراث والمناسبات والشخصيات القبطية المقررات الدينية الإسلامية في مراحل التعليم تزخر بروح متعصبة تعادي الآخر المختلف دينيا كيف نفرض علي أبنائنا في سن العاشرة أن يجيبوا علي سؤال يقول: ما الفرق بين المؤمن والكافر؟

التعليم والمواطنة

المواطنة هي المسأواة القانونية والواقعية الكاملة لجميع المواطنين في إدارة شؤون المجتمع والتمتع بما فيه من حقوق، واداء ما يفرضه من واجبات دون اي تمييز بسبب النوع أو الدين أو اللون أو العرق أو الوضع الطبقي ، أو غير ذلك من اشكال التمايز بين أبناء الوطن الواحد .

وتدور تلك المواطنة حول أربعة من القيم الرئيسية هي :

أولا: قيمة المسأواة التي ينبغي ان تجسدها المبادئ الدستورية التي تنص علي حقوق متساوية وكاملة لجميع أبناء الوطن دون اي تمييز ، كما ينبغي ان تجسدها القوانين المختلفة التي ينبغي ان تعاقب علي كل فعل أو اجراء يتضمن تمييزا بين المواطنين علي اي اساس اما القيمة الثانية فهي قيمة المشاركة ، فحيث ان الوطن شركة فينبغي ان يكونة للمواطنين جميعا اسهم متساوية في تلك الشركة ، كما ينبغي ان تشجع القوانين والسياسات المشاركة الوطنية في مختلف شؤون الوطن السياسية عبر تكوين الاحزاب وغيرها من الاشكال السياسية وغيرها من انواع المشاركات المدنية والاهلية كتاسيس الجمعيات الاهلية والنقابات والمشاركة في مختلف أوجه العمل العام والقيمة الثالثة هي : قيمة الحرية اذ ينبغي ان يشعر المواطنون جميعا بحقهم الكامل في الحرية السياسية وحرية الراي والتعبير والمعتقد وحرية العبادة ، وحرية الاجتماع ،وغيرها من الحريات الجماعية والفردية. اما القيمة الرابعة فهي:المسؤولية اذ ينبغي ان تتوزع المسؤليات الاجتماعية كالتجنيد الاجباري مثلا علي المواطنين جميعا ، كما ينبغي ان يشعر المواطنين جميعا بحقهم في القيام بالاعباء التي تتطلبها حياتهم الاجتماعية وتدور حول قيمة المسئولية شعور المواطنين بمسئوليتهم عن إدارة شؤون المجتمع ومراقبة مختلف مؤسساته التشريعية والتنفيذية، وغيرها من المسئوليات . وتمييزا لحقوق المواطن عن حقوق الانسان احب ان اشير هنا الي ان حقوق الانسان هي حقوق ومبادئ عامة ينبغي ان ينالها الانسان في اي وقت وفي كل مكان . فالحق في عدم التعرض للانتهاك أو التعذيب ينبغي ان يتوافر لكل انسان بغض النظر عن اي شئ اخر فهذا الحق فضلا عن انه ينبغي ان يتوافر للمصريين، فهو ينبغي ان يتوافر ايضا للسائح الفرنسي والمستثمر الامريكي واي موظف في قنصلية في بلادنا ، اما حقوق المواطنة فهي حقوق تعاقدية بين المواطن والدولة ترتب التزامات وواجبات متبادلة ، فاذ يجب علي المواطن اداء الضرائب والتجنيد فانه يحق له الترشيح للمجالس التشريعية أو تولي الوظائف العامة أو غيرها من حقوق.

أهداف التعليم

وأود ان أشير في البداية الي اعتقادي في ان للتعليم اربعة اهداف كبري - تتجاوز الأهداف التفصيلية والفنية للمراحل والمواد الدراسية وغيرها من جزئيات - اما تلك الاهداف الاربعة الكبري فهي:

أولا : الاعداد للثقافة : اذ ينبغي ان يكون خريج التعليم مثقفا ، ومؤهلا للتعامل مع الثقافة بمعناها الانساني الواسع وقضاياها المختلفة، فينبغي ان يؤمن بالديمقراطية وحكم الدستور والقانون ، وحرية الراي السياسي والمعتقد الديني ، وان يحترم التنوع الثقافي والاختلاف ، ويقدر الفنون والاداب، ويؤمن بحقوق الانسان ،ويقدر الجهد الانساني في تطور الحياة البشرية في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والعلمية ، وغيرها بصرف النظر عن مكان وزمان ذلك الجهد الانساني وأود ان اشير هنا الي ما كان يقصد ذلك العبقري الراحل طه حسين ، اذ اطلق علي كتابه الذي يتنأول معظم قضايا التعليم ، والذي صدر سنة 1938 "مستقبل الثقافة في مصر" اما الهدف الثاني للتعليم فهو:الايمان بالعلم والمنهج العلمي: اذ ينبغي ان يؤمن خريج التعليم بدور العلم في تقدم مسيرة الانسان وحل مشكلاته الفردية والجماعية ، ودوره في حل ألغاز الكون ، وان المنهج العلمي هو الوسيلة الوحيدة للتقدم والنمو والازدهار.

أشير هنا الي ما يملأ حياتنا وثقافتنا من غياب النظر العلمي وسيادة الديماجوجيا، والاحساس بالعجز عن التعامل العلمي مع مشكلاتنا وهو مايؤدي الي انتشار الغيبيات والخرافات والخزعبلات والدروشة، حتي ان بعض من يلمعهم الاعلام لا يتورعون عن الزج بالارادة الالهية ـ جلت وعلت ـ في ظواهر طبيعية كالزلازل أو الموجات المدمرة كالتسونامي ، أو حتي المشكلات الاجتماعية كالأوبئة والفقر والمرض اما الهدف الثالث للتعليم فهو الاعداد لمهنة من المهن فالمجتمع في حاجة دائمة ومستمرة الي مهنيين في مختلف الفروع والتخصصات ، معلمين واساتذة جامعات ومحامين واطباء ومحاسبين ومهندسين وباحثين وصناع في الصناعات المختلفة ، المهم ان يعد جميع هؤلاء المهنيين علي اعلي مستوي بلغته تلك المهن في ظل التطور الدائم

المواطنة هنا تتضمن ابعاد التعليم الثلاثة .

البعد القيمي أو الوجداني أو الاتجاهاتي بما يعني الانتماء للوطن والاستعداد للبذل والتضحية في سبيله والحفأوة بتاريخه وتراثه ورموزه، وتقدير الدور الذي بذله رواده وابطاله ومفكريه ، والشعور بعمق عاطفة الاخوة الوطنية -- بصرف النظر عن الاختلافات سابق الاشارة اليها -- واحترام الدستور والقانون ، والايمان بمستقبل أفضل علي ارضه،

اما البعد الثاني للمواطنة فهو البعد المعرفي :الذي ينبغي ان يتضمن معارف عن الوطن جغرافيته واقاليمه وتركيبته السكانية والعرقية والدينية ، وتاريخه، وابرز احداث ومنعطفات وقادة ذلك التاريخ ،كما ينبغي ان يتضمن المعرفة بالنظام السياسي واليات عمله ومؤسساته والدستور والقانون الذي يحكمها، والمعرفة بالاحزاب السياسية واتجاهاتها وصحفها وقادتها ، والمعرفة بمؤسسات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وكيفية تكونها واليات عملها، وواجباتها تجاه المواطنين، والمعرفة باهم القضايا والمشكلات الوطنية كالفقر وانخفاض مستوي المعيشة وحالة التعليم والبيئة، وتدني المشاركة السياسية والمجتمعية وضعف الاهتمام بالعمل العام ، ومشكلات المراة ، والمهمشين والاحياء العشوائية وعمالة الاطفال والادمان والبطالة والتطرف ، وغيرها ممن تخص تكوينات مختلفة من السكان ولكنها تعتبر تحديات وطنية في المقام الأول. كما ينبغي ان تتضمن المعارف المواطنية معارف حول التحديات المستقبلية ، والتحديات الخارجية ودور الوطن في الصراعات الدولية والاقليمية.

يبقي البعد الثالث للمواطنة وهو البعد المهاري أو السلوكي: اذ ينبغي ان يتدرب المواطن أو الطالب علي قراءة القانون والدستور ومناقشتهما مع الاخرين ، وعلي سماع نشرات الاخبار ومناقشة ماجاء بها من قضايا تهم الوطن ، وعلي استخراج بطاقة الانتخاب ، ومهارات الترشح للمجالس المختلفة ومهارات التصويت وتكوين جماعات الدعوة والضغط، ومخاطبة المؤسسات التنفيذية والتشريعية ، ومهارات متابعة التنفيذيين والتشريعيين، ومهارات الاتصال مع الاخرين ، ومهارات التعبير عن الراي والدفاع عن المواقف واحترام الاراء المخالفة تلك هي ابعاد المواطنة الثلاثة . فماهو موقف التعليم منها . هل يدعمها وينميها ، ويفسح لها المجال في نظمه وخططه ومناهجه وانشطته ، فيزيد المواطنين تماسكا وانتماء وولاء لوطنهم . ام انه ينبذها ولا يوليها ما تستحق من عناية واهتمام، مما يؤدي في النهاية الي تكريس الطائفية وانكفاء كل اصحاب عقيدة أو عرق أو ثقافة مغايرة علي ذواتهم والي داخلهم واتخاذ الطائفة بديلا عن الوطن . ويؤدي ايضا الي ضعف الولاء والانتماء ، وعدم الثقة في المستقبل ، والبحث عن حلول فردية للمشكلات، اسهلها الهجرة الي الخارج بحثا عن وطن افضل. وقبل ان ادلف الي علاقة التعليم بالمواطنة -- وهو موضوع مقالي ذاك - اعتقد انه ينبغي ان اشير في جملة اعتراضية طويلة بعض الشئ الي العديد من العوامل التي تقف حجر عثرة في سبيل تنمية قيم المواطنة والانتماء ومنها علي سبيل المثال تيبس مفاصل النظام السياسي في الحكم والمعارضة علي السواء ، وعدم وجود اليات شفافة ومعروفة ومحترمة لتدأول السلطة ، ومنها الاستبداد السياسي الذي يجعل قيمة الولاء للحكم تفوق قيمة الولاء للوطن. ومنها احتكار قلة قليلة من المنتمين للنظام للسلطة والثروة ، مما يعزز من مشاعر الاغتراب وعدم الجدوي لدي جمهرة المواطنين ، ومنها الفساد واخطره المستند الي السلطة والذي يؤكد مشاعر الاغتراب وعدم الجدوي من العمل الوطني العام لدي المواطنين . بالاضافة الي غياب آليات الشفافية والمحاسبة والمساءلة للمسؤلين والموظفين العموميين. ومنها ارتفاع صوت الامن علي صوت الثقافة في التصدي للقضايا الوطنية المختلفة كالفتنة الطائفية مثلا . ومنها محاصرة الاحزاب السياسية وانشطتها ، والتنكيل بالمعارضين والتصدي لاشكال الاحتجاج والتعبير، ومنها تزوير الانتخابات ، والعبث بالدستور والقانون، وتفصيل بنوده علي مقاس اصحاب المصالح، ومنها عدم تطبيق القانون الا اذا ارادت الدولة تطبيقة ، ومنها تدهور قيمة المواطن امام آلة الدولة ، ومنها بعض خطباء المساجد ومنابر الاعلام -- حتي الرسمي منها -- الذي يحض علي كراهية الآخر ، واحتقار قيمة المواطنة لصالح الاخوة الدينية - كما قال قائلهم ذات يوم: المسلم الهندي اقرب الي من القبطي المصري --... وغير هذا كثير مما لا يتسع له المقام .

فقراء وأغبياء

واعود من ثم الي علاقة التعليم بالمواطنة وخاصة في ابعادها الثلاث سابق الاشارة اليها. وأول مايلفت النظر هنا تلك الاذدواجية البغيضة التي تقسم نظامنا التعليمي الي انواع مختلفة فهناك تعليم الفقراء الحكومي العام المجاني الذي لا يقدم كثيرا للطلاب سوي الشهادة في آخر المطاف، وتحت ضغط الكثافة العالية والتناحر في سبيل النجاح ، واستشراء ظاهرة الدروس الخصوصية، لم يعد لدي المدرسة الكثير لتقدمه في سبيل المواطنة مناهجا وانشطة، وقضايا. وهناك التعليم الازهري الديني ، الذي لا يقبل سوي أبناء المسلمين ، واصبح نظاما تعليميا كاملا ومستقلا ومغلقا، يدخله التلميذ المسلم من الحضانة الي نهاية التعليم الجامعي ، دون ان يصادف تلميذا قبطيا في حياته التعليمية كلها ، رغم ان الاقباط معه في النادي والاتوبيس والشارع والعمارة وغيرها، وليس هذا مجال الحديث عن المناهج التي لاتعني بالوطن أو المواطنة ، ففي التراث الديني التقليدي تعلو قيمة الاممية الاسلامية قيمة المواطنة - وقد قال بعضهم ذات يوم، المسلم الهندي اقرب الي من القبطي المصري ، ونادي آخر بحرمانهم من دخول الجيش -.

وهناك التعليم الخاص ذو المصروفات الباهظة التي تصل الي عدة عشرات الالاف من الجنيهات ، ويدرس فيه الطلاب باللغات الاجنبية ، كما يدرسون الكثير من المناهج المتقدمة ،والانشطة الثرية ، مسرح ، سباحة ، فروسية ، اتيكيت ، بل ان بعض المدارس تتيح لتلاميذها عبر نظام للتبادل بين المدارس في مصر والعالم ان يعيش بعض الطلاب المصريين الاجازة الصيفية مع اسر في إنجلترا أو أمريكا أو غيرها . ونحن هنا لسنا في مجال تقييم تلك المدارس أو هذا النظام ، وانما فقط نعني بنظم التعليم المختلفة التي ينخرط فيها ابناءؤا المصريون. يبقي بعد ذلك التعليم القنصلي ، وهو نظام أجنبي تماما ، موجود من الأساس لأبناء الموظفين والدبلوماسيين العاملين في القنصليات الأجنبية ، وهم بطبيعة الحال عرضة للنقل في أي وقت ، وعرضه أيضا للعودة إلي بلادهم ، ولذلك فان دولهم تعد لهم مدارس مثل المدارس في بلادهم تماما ، وقد كان الالتحاق بتلك المدارس ممنوعا تماما علي المصريين ، ولكن سنة 1988، كانت قد جرت في نهر الحياة والثقافة المصرية مياه كثيرة واصبح الطلب علي التعليم الاجنبي كبيرا، وهكذا سمح الدكتور فتحي سرور لأبناء المصريين بدخول تلك المدارس القنصلية ، وهكذا اصبح لدينا تلاميذ مصريون يدرسون المناهج التي يدرسها الألمان في بلادهم والفرنسيون وغيرهم ويبقي بعد ذلك من ابنائنا المصريين من لم يلتحقوا باي نظام تعليمي ، والذين تحول ظروف اسرهم الاقتصادية عن الالتحاق بالمدارس اصلا ، يضاف اليهم من تسربوا من المدارس دون ان يتمكنوا من اي مهارات في القراءة أو الكتابة أو غيرها ، وهؤلاء يتعرضون لثقافة شفاهية تقليدية ليست وثيقة الصلة بقضايا المواطنة التي نعنيها. هذه أربعة أنواع مختلفة من التعليم - سنترك الامية جانبا - تعد كل من تلك الأنواع المختلفة تلاميذها بطريقة مختلفة عن غيرها. إشراف الوزارة نعم نعلم ان القرار الوزاري رقم 306 لسنة 1993 يجبر جميع المدارس الخاصة في مصر علي الالتزام بمناهج ومواد الوزارة الدراسية كحد ادني للحصول علي ترخيصها واعتماد شهاداتها ، وكذلك التزامها بخطط الوزارة المالية والفنية ولكننا هنا نشير الي ثلاث مشكلات تتعلق باشراف الوزارة علي جميع المدارس : أولها ان هناك نظامين تعليميين كاملين ليسا ملزمين بتعاليم الوزارة و مناهجها. وهما التعليم الازهري والقنصلي. والمشكلة الثانية تتعلق بان الوزارة نفسها تنوء باعباء مدارسها التي يتجأوز عددها الثلاثين الفا . فضلا عن ان كثيرا من تلك المدارس الخاصة اصبحت لظروف لا مجال لشرحها مؤسسات قادرة وقوية تستعصي علي التفتيش المالي والاداري والفني من الوزارة اما المشكلة الأخيرة فتتلخص في ان المنهج الدراسي والمقررات ليست هي كل شئ في التعليم فهناك المنهج الخفي والمناخ والأنشطة والثقافة والإطار التنظيمي وهي كلها تختلف من نوع لآخر من أنواع التعليم. ، وهي ايضا قد يفوق اثرها المقررات الدراسية نفسها فما خطورة تنوع النظم التعليمية علي قيمة المواطنة . وهنا نشير الي ان التعليم الوطني أصلا قد نشا لخدمة الفكرة الوطنية من الأساس . فقبل العصور الحديثة لم يكن هناك تعليما وطنيا وانما كان التعليم كله طائفيا . تقوم الطائفة بإنشاء مؤسساتها التعليمية الخاصة والتي قد لاتمت باي صلة بمؤسسات الطائفة الاخري التي تسكن الحارة التي تجاورها . ولكن مع هبوب رياح القومية والاتجاه نحو نشأة الدول الحديثة التي تعتمد الروح القومية بديلا عن طائفية العصور الوسطي ، اصبح من الضروري وجود مؤسسات تعليمية تعد ذلك المواطن الذي يحب انتماءه للوطن انتماءه الي طائفته الدينية أو الاقتصادية أو غيرها من تقسيمات ومن هنا ظهرت المدرسة الموحدة والمنهج الدراسي الموحد والامتحانات الموحدة ، وطرق الإعداد الموجدة للمعلمين، وأصبح التعليم مجانيا للفقراء لكي لايحول حائل دون تحويلهم الي مواطنين كاملين بل اصبح هناك عقابا ينتظر الذين لا يسارعون بتقديم أولادهم الي تلك المدارس المجانية.

والسبب في هذا الإصرار علي التعليم الوطني الموحد . ان المواطنين في كل البلاد يتمايزون - كما أسلفنا -- علي أساس الدين والاقتصاد والثقافة والمهنة وغيرها . ومن الطبيعي هنا ان تختلف القيم والمفاهيم والاتجاهات بل واللغة والمصطلحات، بين كل جماعة وأخري ، وهكذا ياتي دور المدرسة الموحدة كبوتقة تنصهر فيها جميع عناصر الوطن الواحد . ويتخلق منها تلك السبيكة الوطنية الواحدة بمثلها وقيمها وابطالها وأهدافها المشتركة وقبل ذلك بإرادتها المشتركة للحياة معا تحت سقف الوطن الواحد. لعلنا الان ندرك خطورة الازدواجية التعليمية علي قضية المواطنة.

عقبات في الطريق

في بلادنا ناتي بعد ذلك الي تنأول العديد من العوامل التعليمية التي تقف حجر عثرة في سبيل غرس وتنمية قيم المواطنة في نفوس ابنائنا .

الادارة التعليمية ، والادارة المدرسية .فمدارسنا تدار كأنها مصالح حكومية تعمل جميعها تنفيذا للوائح والقرارات التي تاتي من اعلي . دون إتاحة اي قدر من الحرية أو المبادرة . لا للتلاميذ ولا للمعلمين. ولا للمدير . الكل ينتظر التعليمات ويخاف من المساءلة اذا خرج عنها. وإذا كنا قد اتفقنا علي ان المواطنة تتضمن الحرية والمشاركة والمسؤولية والمسأواة .

فقد كان من المناسب اعتبار المدرسة وطنا مصغرا ينبغي للجميع ان يمارسوا فيها قدرا كبيرا من الحرية والمسأواة ..... الخ ونظرا لان تلك التعليمات لاتهتم سوي بتنظيم سير العملية التعليمية ، فقد كان من المنطقي الا يعنيها سوي ما يدور داخل اسوار المدرسة وداخل فصولها . دون اعتبار لما يحدث خارج المدرسة ، ولما يعتمل في مجتمع المدرسة المحلي من مشكلات وإمكانيات ، ودون اعتبار لتقدير اي دور اجتماعي للمعلمين والتلاميذ. المناهج والمقررات الدراسية: التفاصيل هنا تستعصي علي الحصر. وحتى لا نتوه في تلك التفاصيل فأنني اشيرفقط الي ثلاثة ملامح أساسية فيما يتصل بعلاقة المناهج بالمواطنة، الأول ان تلك المناهج تقدم عن الوطن كارت بوستال وكأنها تقدم صورة الوطن الي سائح أجنبي لا الي ابن من أبناء الوطن عليه واجبات تجاه الوطن بمشكلاته وأزماته وعيوبه ، ودائما نظامنا السياسي عظيم ، وتجربتنا الديمقراطية رائدة ، وحكومتنا جميعا رشيدة، وخططتنا التنموية ناجحة . وبالتالي ليس إمامكم أيها الطلاب ما تقدموه لوطنكم أو يحتاجه الوطن منكم. وعليكم فقط إن تحمدوا الله ان رزقكم هذا الوطن وهذا النظام وتلك الحكومات. يرتبط بالملمح السابق خلو المناهج تقريبا من الاشارة الي المشكلات الخطيرة التي تعاني منها بلادنا، اللهم الا مشكلة زيادة السكان مثلا باعتبارها مشكلة تؤرق الحكومة فقط . ومن هنا تخلو المناهج من الحديث عن مشكلة التطرف والإرهاب، أو الفقر، أو البطالة، أو الأحياء العشوائية، أو عمالة الأطفال، وغيرها من مشكلات تقتضي استنهاض الهمم وقيم المواطنة والتماسك الوطني.

أما الملمح الأخير: فهو إن الكثير من تلك المقررات تميز بين أبناء الوطن علي أسس متعددة منها التمييز ضد المراة مثلا غير ان الاخطر التمييز ضد الاقباط وهناك الكثير مما يمكن ان يقال والامر في حاجة الي مراجعة شاملة لمناهجنا من هذه الزأوية . فستظل المرحلة القبطية في تاريخنا مثار مد وجزر بين الوزارة والمتطرفين من معدي المناهج الدراسية وما اكثرهم . كما تخلو المناهج من تناول التراث والمناسبات القبطبة مثلا ، أو الاشارة الي الشخصيات القبطية التي ساهمت في صنع تاريخنا الحديث كمكرم عبيد، وسينوت حنا وويصا واصف ، وغيرهم كثيرين . كما تزخر المقررات الدينية الإسلامية بروح متطرفة متعصبة تعادي الآخر المختلف دينيا، وان استغرب مثلا : كيف نفرض علي أبنائنا في سن العاشرة ان يجيب علي سؤال يقول : ماهو الفرق بين المؤمن والكافر ؟؟؟

نسق التعليم

نأت بعد ذلك الي نسق التعليم : فاذا تنأولنا مفردات ذلك النسق سنجدنا نتحدث عن : الحفظ ، التذكر ، التسميع، الالقاء ، التلقين ، النموذج والنموذجية ، الطاعة، الاتجاه الوحيد للتقدم ، الثواب والعقاب ، رفض الفردية والتميز والاختلاف والمغايرة . وهي كلها مفردات تؤكد الروح البيروقراطية والعسكرية لنظامنا التعليمي ، وهي احد الأعداء الألداء لثقافة المواطنة بما تحمله من قيم ، كما اشرنا إليها من قبل.

النشاط والمدرس

يبقي بعد ذلك آخر عناصر العملية التعليمية التي سنشير إليها هنا ، وهو عنصر النشاط المدرسي، وهواقرب تلك العناصر الي تنمية وغرس قيم المواطنة وأكثرها اتساقا مع تلك القيم . وأود ان أشير هنا الي أنني لا اري مايراه الكثيرون من ضرورة وضع مقرر دراسي في موضوع المواطنة . اذ لا أحب ان تكون المواطنة مجالا للنجاح والرسوب . أو للدروس الخصوصية ، أو ينتهي الأمر بحفظها وتسميعها ونسيانها بمجرد الامتحان فيها كحال الكثير من المقررات الدراسية. وتكمن المشكلة هنا في ان وزارة التعليم لم تعتمد بعد المواطنة كنشاط تعليمي وتربوي متميز ، وغالبا ما تنظر الوزارة الي الأنشطة المدرسية باعتبارها وسائل في خدمة المقررات الدراسية المعتمدة

ورغم ذلك فان الأمانة تقتضي ان أشير الي ان وزارة التعليم وإدارة الجمعيات الأهلية فيها وإدارة الجمعيات الأهلية في مختلف مديريات التعليم تقدم العون والتشجيع للجمعيات الأهلية التي تود ان تسهم في هذا المجال وبالفعل شهدت المدارس المصرية نشاطا ملحوظا في مجال المواطنة والتربية المدنية في العديد من الجمعيات الأهلية سأكتفي فقط بالإشارة الي نموذج الشبكة العربية للتربية المدنية والذي يطبق في عشر دول عربية منها مصر معتمدا دليلا تدريبيا للطالب والمعلم . ولايعني الدليل بالمقدمات والمداخل النظرية للمواطنة قدر اهتمامه بإدماج الطلاب في تجربة تعليمية مباشرة تدور علي محورين هما : تعرف . تحرك. والتعرف هنا يعني ان يتعرف الطالب علي مجتمعه المحلي ومشاكله والقوانين التي تتعامل مع تلك المشكلات والمؤسسات، تنفيذية أو تشريعية معنية بتلك المشكلات اما التحرك فالمقصود به دفع الطلاب الي تموين فرق العمل والبحث والدعوة والضغط . والاتصال بالجهات المسئولة . والمطالبة والتحرك مع مختلف الفعاليات المجتمعية في سبيل حل تلك المشكلات. وهكذا يجد الطلاب أنفسهم ممارسين لحقوقهم في المواطنة. بما تتضمنه من قيم الحرية والمسؤولية والمشاركة والمسأواة.

الفصل الخامس مبدأ المواطنة والتعديلات الدستورية ..

قام السيد رئيس الجمهورية باقتراح إضافة فقرة ثالثة إلي المادة الخامسة من الدستور تنص علي أن «مبدأ المواطنة» هو من المبادئ الدستورية الحاكمة لقيام الأحزاب السياسية. والحقيقة أن هذا المبدأ تضمنته المادة الأربعون من الدستور بشكل واضح وصريح عندما قالت «المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».


وهذا النص في وضوحه وصراحته لا يحتاج إلي إضافة ولا إلي مراجعة، وقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا كثيرًا من الأحكام التي تستند إلي هذا النص. فما مفهوم مبدأ المواطنة وما مدي اتفاق التعديلات الدستورية المطروحة مع هذا المبدأ؟ بوضوح وبإيجاز شديد، يعني مبدأ المواطنة أن كل مواطن يتساوي مع كل مواطن آخر في الحقوق والواجبات، ماداموا في مراكز قانونية واحدة. فالمصريون جميعًا من حيث «المصرية» في مركز قانوني واحد. ولا يجوز التفرقة بين مصري ومصري آخر فيما تقتضيه «مصريته» بمعني أنه من غير الدستوري أن يقال: إن المصري من أسوان يتميز علي المصري من المنوفية، أو إن المصري في حزب التجمع يتميز علي المصري في الحزب الوطني، أو إن المصري في حزب التجمع وفي الحزب الوطني يتميز علي المصري الذي اختار ألا يكون عضوًا في هذه الأحزاب، ذلك لأن المصريين كلهم مواطنون في مصر، ولأن المواطنين جميعًا لدي القانون سواء لا تمييز بينهم بسبب المقر أو الموقع الجغرافي أو الانتماء الديني أو الانتماء الحزبي. إذا صدرت قاعدة قانونية تقول إنه لا يجوز للمصري غير المسلم أن يتولي منصبًا معينًا أو ألا يباشر حقًا سياسيا معينًا فإن هذه القاعدة تكون غير دستورية لمخالفتها مبدأ المواطنة. وعلي ذلك قلنا ونقول، إذا قام حزب سياسي وقال إنه لا يقبل في عضويته غير أصحاب دين معين، أيا كان ذلك الدين سواء كان الإسلام أو المسيحية أو غير ذلك، فإنه يكون قد تنكر لمبدأ المواطنة وحكم علي نفسه بأن وجوده غير دستوري. بل إنني أذهب إلي أبعد من ذلك، وأقول إن حق المواطن بصفته مواطنًا أن يدخل أي حزب شاء، أو أن يلي أي منصب عام تنطبق عليه شروطه لا يرتبط بكونه منتميا إلي دين معين، أو أنه بغير دين أصلاً. فمن حق المواطن أن يكون مواطنًا حتي ولو لم يكن صاحب دين سماوي من الأديان الثلاثة المعروفة. إنني لا أذهب إلي ما ذهب إليه أبو العلاء المعري- قاتله الله- في قوله: اثنان أهل الأرض عاقل من غير دين وآخر دين لا عقل له وقد أثير أخيرًا موضوع الطائفة البهائية، وصدر حكم لصالحهم من محكمة القضاء الإداري، وألغت المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم، ولكن، أي من الحكمين لم ينكر- ولا يستطيع أن ينكر- علي أفراد هذه الطائفة أنهم مواطنون مصريون، فهذه المواطنة لا ترتبط بالدين علي أي نحو. والمسألة ليست مسألة مبني النصوص وشكلها فقط، وإنما أهم من ذلك مضمون النصوص من الناحية الواقعية. التفرقة الواقعية بين المصريين علي أساس الدين في المناصب العامة لا تتفق مع روح الدستور ومع حقوق الإنسان ومع مبدأ المواطنة. لقد شاهدت مصر في تاريخها القريب أن «مصريا قبطيا» كان رئيسًا لمجلس النواب وكان رئيسًا لمجلس الوزراء، واختفاء هذه الظاهرة ليس علامة صحية. وعندما لا يرشح حزب الأغلبية في قوائمه إلا عددًا من الأقباط، أقل من أصابع اليد الواحدة، فإن ذلك يعني نوعًا من الخلل في الحياة السياسية ويعني أن مبدأ المواطنة لم يستقر في وجداننا وفي حياتنا علي النحو الذي ينبغي أن يكون. في مناسبة من المناسبات كان المرشح لرئاسة مجلس الدولة أحد المستشارين المسيحيين- رحمه الله- وكنت بحكم تخصصي وصلتي بالقضاء الإداري أبدي مساندتي وتأييدي له، وكنت أقول لمن أعرفه إنه إذا لم يحصل علي الأغلبية في الجمعية العمومية لمستشاري المجلس فإن ذلك سيعكس صورة سيئة لمصر، وكنت سعيدًا عندما اختارته الجمعية العمومية بأغلبية كبيرة وأصدر رئيس الجمهورية قرارًا بتعيينه رئيسًا لمجلس الدولة. والآن يرأس هيئتين كبيرتين من الهيئات القضائية زميلان مسيحيان فاضلان. ومع ذلك فعلينا أن نعترف- والاعتراف بالحق فضيلة- أن تفرقة «واقعية» لغير صالح الإخوة الأقباط نشاهدها في بعض المواقع والمناصب، وأنا واثق أن أحكام الدستور بريئة من هذه التفرقة وأن ذلك نتيجة من نتائج ضيق الأفق ليس غير، وأسمع أحيانًا روايات وقصصًا عما يحدث في بعض الدوائر وأعجب لها، ذلك أنه إلي جوار الاعتبارات الدستورية فإنني ممن يؤمنون أن جوهر الدين واحد. وقد كنت ومازلت أكرر عبارة بليغة وعميقة لقداسة البابا شنودة الثالث يقول فيها «إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه وإنما هي وطن يعيش فينا». إن هذه العبارة البليغة العميقة تعكس مدي عمق الوطنية، ومدي عمق الانتماء ومدي عمق «المصرية»، لقد جعلت من هذه العبارة عنوانًا لأكثر من مقال كتبته لأن إعجابي وإيماني بهذا الذي قاله قداسة البابا هو إعجاب بغير حد، ومن الأمور التي أعتز بها وأفخر عمق علاقتي بقداسته وما أحسه منه في كل مقابلة من مودة ومحبة وترحيب. إن مبدأ المواطنة هو أحد الأسس الدستورية في الدولة الحديثة. وإذا كنت قد ضربت أمثلة توسم بعدم الدستورية لمخالفتها مبدأ المواطنة فإنني هنا أحذر من شيء آخر أكثر خطرًا وأبعد ما يكون عن المواطنة وعن المبادئ الدستورية السليمة، فقد قيل إن بعض القوانين التي ستترتب علي التعديلات الدستورية ستفرق بين المواطنين علي حسب ما إذا كانوا حزبيين أو مستقلين عن الأحزاب في مباشرة حقوقهم السياسية. لو صح هذا الكلام فإنه سيكون بمثابة ضربة للدستور ولمبدأ المواطنة في مقتل. إن الحزبيين في مصر بمن فيهم أعضاء الحزب الوطني وأعضاء كل الأحزاب الأخرى لا يتجاوزون خمسة في المائة من المصريين علي أحسن الفروض، وإذا أضفنا إليهم أعضاء حزب الإخوان المسلمين- بفرض قيامه- فإنهم جميعًا لن يصلوا إلي عشرة في المائة من المصريين ويبقي تسعون في المائة من المصريين لا ينتمون إلي أحزاب، فهل يمكن أن يقال إنه يتفق مع الدستور أن يقصي تسعون في المائة من المصريين عن حق الترشح وحق الانتخاب ولا يتمتع بذلك إلا عشرة في المائة فقط منهم، وبالمعيار العددي فإن ذلك يعني أن أكثر من أربعة وسبعين مليون مصري سيقصون عن الحياة العامة، ولن يسمح إلا لأقل من مليون مصري بممارسة الحقوق العامة، هل هذا يتفق مع مبدأ المواطنة ومع المبادئ الدستورية. وتتضح خطورة هذا التوجه ومدي مخالفته النظام الديمقراطي والمبادئ الدستورية بأجلي صورة وأوضحها في الحرص علي إبقاء المادة السادسة والسبعين من الدستور علي حالها مع السماح- كما قيل في مذكرة التعديل- لهذه الأحزاب بالترشح لهذه الانتخابات بشروط أيسر. أيها الناس اتقوا الله. ولنا عود إلي مبدأ المواطنة والمادة السادسة والسبعين من الدستور.


الفصل السادس المواطنة والأحزاب السياسية الأحزاب السياسية في مصر..24 حزب


دور الأحزاب السياسية في ترسيخ المفاهيم الوطنية


الاداء الحزبى في مصر أداء ضعيف بشكل عام رغم مرور فترة طويلة تجاوزت 25 عاما بخلاف فترة ما قبل الثورة على تجربة التعددية الحزبية لأنها بدأت بشكل فيه نوع من التحديد الدقيق نظرا للخوف من الانتقال من فكرة الحزب الواحد إلى التعددية..فبدأت بثلاث منابر ثم تنظيمات ثم أحزاب حتى وصلنا اليوم إلى 24 حزب على الساحة السياسية..فى أحزاب عمرها على الساحة لم يتجاوز العامين وهناك أحزاب أخرى موجودة منذ بدء التجربة ولكن بغض النظر عن كل ذلك أستطيع أن أقول أن التجربة بشكل عام ليست واضحة المعالم.. وهناك عدة أمور أدت إلى ذلك وفى مقدمتها النظام الانتخابي في مصر..لأنه لا يقوم على فكرة تعدد الأحزاب حيث أن تعدد الأحزاب الموجود ليس على أساس صحيح..الناس تختار الشخص "فردى"..بغض النظر عن انتمائه لأي حزب ، وذلك من أجل الخدمات..علما بأن العضو البرلماني ليس مسئولا عن الخدمات ولكنه لا يستطيع أن يتخلى عن هذه الخدمات لأنها وسيلته لجذب هذا الناخب..عندما يكون الانتخاب قائم على النظام الحزبي..الناس لن تنتخب أفراد ولكن قوائم..صحيح الأفراد الناشطين عناصر جذب ولكن الاعتماد الأساسي على برنامج الحزب سوف يعظم برامج ودور الأحزاب. وهناك مشكلة أخرى تتحملها الأحزاب نفسها وهى غياب الدور المؤسسي داخل هذه الأحزاب..مثلا حزب الأحرار من أقدم الأحزاب السياسية المصرية "منبر الوسط"..منذ مات مصطفى كامل مراد زعيم الحزب الراحل لم يتم انتخاب رئيس للحزب لأن الحزب يفتقد للنظام المؤسسي..

  • و أدى إلى ذلك..غياب النظام المؤسسي داخل الحزب.. في حزب الوفد مثلا بعد وفاة فؤاد باشا سراج الدين اجتمعت الهيئة وانتخبت رئيس جديد بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حوله..ولكن تم اختياره بشكل مؤسسي وهناك أيضا حزب التجمع..يقوم على نظام مؤسسي رغم اختلافنا مع بعض أفكاره ،كما أن هناك حزب الخضر كذلك..لو كل حزب أدرك أن عليه هذا الدور سيتم تعظيم وتفعيل دور الأحزاب..

وياتى تفعيل الحياة الحزبية في مصر بشكل تدريجي فكلما اتسعت دائرة الديمقراطية واتساع دائرة الاختلاف في الرأي سوف يتم معالجة عزوف الناس عن المشاركة في العمل السياسي وخاصة الانتخابات حيث أنها تكشف بوضوح نسبة هذا العزوف.

أن مفهوم المواطنة مرتبط بالأرض التي تتخذها مجموعات مختلفة من البشر شعوباً وقبائل داراًُ لهم ويتعاملون مع الأوطان الأخرى وقاطنيها سلماً وحرباً اختلافا واتفاقا وتبادلاً للمصالح ، وقديماً سمت كل مجموعة أرضها "داراً " والتسمية لا تزال موجودة في ارتباط المجموعات والقبائل بالأرض.

                                  توطين الفكرة


الدولة التي تبني لا على اجتماع في حيز جغرافي معين (وطن) لكن لانتماء المقيمين فيها إلي عقيدة أو فكرة حيث لا يصبح حيز الأرض هدفاً للارتباط به وحمايته والذود عنه بل أن العقيدة أو المنهج الفكري الذي يجمع أهل تلك الدولة هو الأساس لينطلقوا في كل أرض لخلق دولة الفكرة ومن بعد ذلك حكم جامع يضم أرضاً شاسعة . تجمع على مفاهيم واحدة ، والدولة الإسلامية قديماً هي نموذج لذلك ولم تتشتت في أوطان مختلفة من بعد ذلك لفشل الفكرة أو فساد العقيدة ولكن لضعف الإيمان في معتقديها وعدم دفاعهم عن حياضها وقوة المهاجمين لها.


أما في الدولة الشيوعية الحديثة في الإتحاد السوفيتي وهي دولة فكرية لكنها فرضت على بعض الأوطان حيث فشلت الفكرة نفسها عند التطبيق فسقطت الدولة الشيوعية وتقسمت أيدي سبا إلي أوطان بحكم الأعراق والجوامع التاريخية لتلك الدول قبل ضمها

أسس وقواعد الأمان الاجتماعي ومن ثم استيطان فكرة المواطنة :

الاستقلال والسيادة الوطني

سيادة الشعب

الوحدة الوطنية

السلام والأمن القومي

الحرية والديمقراطية

العدالة والمساواة وسيادة حكم القانون

الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان


مستقبل الأحزاب الدينية في مصر(الإسلامية والمسيحية)

الظرف الآن مهيأ أكثر من أي وقت مضى لكي تخطو الأحزاب ذات المرجعية الدينية خطوات واثقة نحو الشرعية ومن ثم تحصل على فرص متكافئة مع بقية الأحزاب في اختبار نفسها أمام الشعب، وفي السلطة. ويعود ذلك إلى جهود دءوبة قدمها عدد من المناضلين في ال 25 عاماً الأخيرة، ساهمت في تطور الفكر السياسي الإسلامي والمسيحى على المستوى الأكاديمي وعلى الأرض، وجعلت الشعب والحكومة والمجتمع الدولي الآن أكثر إدراكاً لواقعية الفكرة، وإن تفاوت رأيهم في تقبلها، وتقدير جدواها، وحسابات رد الفعل نحوها.

وقد عرفت الدول العربية والإسلامية والأوروبية المسيحية طوال السنوات الأخيرة نماذج متعددة من الأحزاب ذات المرجعية الدينية مثل: حماس في فلسطين، وحزب العمل في الأردن، و حزب العدالة والتنمية في المغرب، وتجمع الليبراليين الإسلاميين في إندونيسيا، و حزب العدالة والتنمية في تركيا، كما احتل الإسلاميون غالبية مقاعد البرلمان في العراق والبحرين والمغرب. وكان السماح بهذه الأحزاب هو أكبر ضمانة لاستقرار هذه الدول، مقارنة بتونس التي جرى فيها حظر حركة النهضة التونسية، و الجزائر التي اغتال الجيش فيها انتصار جبهة الإنقاذ، ومصر حيث تم تجميد حزب العمل، ورفض إنشاء حزب الوسط، والإبقاء على الإخوان المسلمين جماعة محظورة و من المنتظر أن تأخذ هذه الحركات زخماً أكبر في الفترة القادمة، باعتبارها الحركات الشعبية الأكثر والأصدق تعبيراً عن العداء لأمريكا من باقي أطياف الحكومة والمعارضة. غير أن العامل الأكثر حسماً في بروزها في الفترة الأخيرة، هو كونها حائط الصد الأساسي للمد الشيعي في الدول السنية، وهو الأمر الوحيد الذي يمكن أن تجتمع عليه كل من نظم الحكم والإدارة الأمريكية والتيارات الدينية ذات التوجه السياسي.

و يعجز كثيرون من المشتغلين بالعمل العام عن التمييز بين "الدولة الدينية" (الثيوقراطية) وبين الأحزاب ذات التوجه أو الخلفية الدينية في دولة مدنية. إن الشكل المشهور للدولة الدينية الشمولية يعتبر أن الحاكم هو مبعوث العناية الإلهية، وأنه -باعتباره ممثلاً لله في الأرض- يملك قداسة تجعله منزهاً عن النقص والخطأ والمراجعة، الأمر الذي يجعل أي اختلاف معه يستحق التنكيل في الدنيا والعذاب في الآخرة.. و الوصف الحقيقي لدولة من هذا النوع: هو دولة ديكتاتورية، ولا علاقة لهذا الحاكم ولا لهذا الشكل بمبادئ الإسلام أو المسيحية من قريب أو بعيد. وقد مل الإسلاميون والمسيحيون من ترديد حقيقة أن توجههم الإسلامي لا ينطلق من إيمانهم بهذا الشكل الممقوت من أشكال الدولة، الذي لم يعرفه الإسلام أو المسيحية أصلاً على مدار تاريخه. وإن عرفته معظم المجتمعات الغربية والشرقية وآخرها الإمبراطورية اليابانية. وفي الوقت الذي يجري فيه طمس متعمد للحقيقة حين توضع الحركات الإسلامية والمسيحية العربية في سلة واحدة، لضرب الصالح بالطالح منها. فإنه لا يصعب على المتابع المحايد أن يضع يده على اختلافات واضحة في أفكارها وتوجهاتها، وأن يكشف عن تفاوتها من حيث التعصب والاعتدال، واقترابها من القاعدة العريضة أو انعزالها عنها، وقدرتها على صياغة تصور شامل للحياة في ظل توجهها الديني أو انكفائها على أهداف محدودة، وتفسيرات ضيقة للدين. وإن كان يجمع الناجح منها أنها تتبنى الفكر الوسطي المعتدل، وتنظر إلى الدين ( الإسلامي أو المسيحي ) باعتباره معبراً للتجديد والإصلاح، وتؤمن بالوسائل السلمية والقانونية للتغيير، وتنبذ كل أشكال العنف، وتدعو للوحدة الوطنية ونبذ التفرقة الطائفية. ويصر البعض على أن يختزل برامج الأحزاب ذات الخلفية الدينية في تصورات نمطية مسبقة عن قطع يد السارق، ودعاوى الحسبة، ومصادرة الإبداع، وإغلاق البنوك "الربوية"، والتضييق على النصارى، ومقاطعة إسرائيل، والإجبار على ارتداء الحجاب، وإعلان الجهاد، وإغلاق المحلات السياحية، وإعادة النساء إلى المنازل، الخ........... وما من شك في أن هناك من يتبنى عدداً من هذه الأفكار، غير أن السؤال الجاد هنا هو: هل تم قياس حجم من يتبنى هذه الأفكار في المجتمع المصري؟ والإجابة مزعجة من وجهين، فإذا كان العدد محدوداً، فما هو الضرر من السماح لهؤلاء على تطرفهم – وباسم المواطنة - من أن يعلنوا عن رأيهم كما يسمح لأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي في ألمانيا (وهو حزب نازي بالغ التطرف) من أن يكون لهم حزب وأعضاء في البرلمان. أما إذا كانت الإجابة أن العدد كبير، فباسم "من" أو "ماذا" نمنع هذه الأغلبية من أن تحتل مكانها الذي تستحقه على خارطة العمل السياسي. والحق أن رفض اعتبار الخطاب ذي المرجعية الدينية خطاباً وطنياً، في الوقت الذي يسمح فيه بخطاب يستمد مرجعيته من الكرملين أو البيت الأبيض، هو نوع من التمييز غير المفهوم وغير المقبول. كما أن الظن بأن هناك خطاباً وطنياً خالصاً يمكن أن يتجاهل الانتماء القومي العربي لمصر أو الانتماء الديني لشعبها هو ظن ساذج، بل إن خطاباً من هذا النوع هو خطاب مشبوه، وهو أبعد ما يكون عن الوطنية. وقد سمحت الظروف الموضوعية في مصر قبل ما يقرب من 90 عاماً بغلبة التيار الوطني العلماني الذي مثله إذ ذاك سعد زغلول وحزب الوفد على التيار الإسلامي الذي مثله مصطفى كامل والحزب الوطني, الأمر الذي أدى إلى إقصاء لهذا التيار من العمل السياسي وهو ما تعاظم بعد ثورة يوليو، وأثر على تطوره الفكري – رغم بقاء الإخوان المسلمين- في قلب الأحداث طيلة ما يزيد عن 75 عاماً. وقد دأبت التيارات الوطنية والقومية التي كان لها حظ المساهمة في تحقيق الاستقلال في معظم الدول العربية على وصف هذا التيار بالتخلف والرجعية، وبأن خطابه السياسي مبني على التمييز بين عنصري الأمة من مسلمين وأقباط، وعنصري الحياة من رجال ونساء. كما تم اتهامه بأنه يتناقض مع مفاهيم الدولة الحديثة بترديده الحديث عن دولة الخلافة، فضلاً عن أن الحديث عن الشريعة الإسلامية كمصدر أعلى للتشريع يجعل القرار النهائي لمجالس الفقهاء الأصوليين، وليس للسياسيين المنتخبين من الشعب، وهو ما يتعارض كلياً مع أبسط مبادئ الديمقراطية. ومن المؤكد أن التيارات الإسلامية على اختلاف درجات إيمانها بمفهوم الدولة الحديثة في حاجة إلى مراجعة شاملة وسريعة للكثير من مواقفها التقليدية، تجيب فيها وفق معالجات فقهية حديثة، وبصياغات معاصرة على الأسئلة الأساسية فيما يخص الاقتصاد والمرأة والمواطنة وحقوق الإنسان والإبداع والحرية والعلاقات الدولية. وقد يمثل التراث الفقهي العامر بالآراء والفتاوى في هذه الموضوعات وغيرها عبئاً على الحركات الجادة في دخول معترك العمل السياسي، إذا ظلت معالجتها على مستوى نقل النصوص التراثية والاختيار بين بدائل الفقهاء الأربعة في تنزيل مفتعل على قضايا واقع معاصر شديد التغير والتعقيد. وستقطع هذه الأحزاب والحركات الطريق على كل متحفز تجاهها ومشكك في توجهاتها، إذا تخلت عن بعض الغموض أو التردد في الإفصاح عن رأيها في بعض القضايا التي خالفت فيها ممارسات التطبيق على مدار تاريخ المسلمين ما انتهى إليه القبول المجتمعي الحديث. وواضح أن هناك مالا يمكن التنازل بشأنه باعتباره من ثوابت الدين، غير أن هناك الكثير مما يمكن مراجعته حتى لو أدت المراجعة إلى خسارة قطاع من المتعاطفين معها ممن يمنحون قداسة والتزاماً أكبر بالأشكال التي جرى عليها التطبيق في الماضي. و ستنجح هذه الأحزاب في كسب الرأي العام الشعبي إذا تمكنت من وضع يدها على المعاناة الحقيقية للجماهير وقدمت لها حلولاً واقعية تستلهم فيه الإرث الحضاري لشعوبنا. غير أنها مطالبة إلى جوار ذلك أن تعرض أفكارها لا باعتبار أن تميزها ينبع من كونها تمتلك الحقيقة المطلقة، أو الحلول السحرية أو الحق في الحكم باسم الله. وإنما من رؤيتها للدين كمبادئ ترشد وتوجه، وطاقة تدفع وتحفز، وقوة تجمع الأمة تجاه العدو المشترك، وفي نفس الوقت فهي تقر –مسبقاً- بأن ممارستها السياسية ليست مبرأة من العيوب، وأنها لا تستحق بسبب هذا التوجه الإيديولوجي أية أفضلية مسبقة أمام صناديق الاقتراع، أو سلطة مقررة باسم الدين أو باسم الحق الإلهي.


[تحرير] المرجع والمصادر

www.altasamoh.net/previous.asp - ketaba.wordpress.com -

مستقبل الحوار الإسلامي المسيحي د. احميدة النيفر – الإسلام والمسيحية من التنافس والتصادم إلى الحوار والتفاهم أليكسي جورافسكي آفاق علم اجتماع معاصر د.أبو بكر باقاد -


التوصيات - ضرورة الموافقة على إنشاء أحزاب تمثل اتجاهات دينية (مسيحية أو إسلامية) وليست ذات مرجعيات أو أسس دينية وبتشكيل يمزج بين عنصري ألامه . - إعادة هيكلة المجلس الأعلى لحقوق الإنسان وضم عناصر قضائية له وأخرى غير حكومية ومنحه صلاحيات الضبط القضائي وسن تشريع يعزز دوره القانوني . - استحداث جهاز له صلاحيات قانونية من شأنه تتبع حالات المحسوبية والوساطة والتربح في شتى المجالات وإعادة العمل بقانون (من أين لك هذا) بصورة أكثر واقعية ودون أن تتضارب أحكامه مع الدستور والقوانين الحالية المنظمة لذات الموضوع . - إعادة النظر والمراجعة لمناهج التربية القومية بما يتوافق والعصر الحديث لتدعيم فكرة المواطنة لدى التلاميذ والطلبة في مختلف مراحل التعليم . - تطوير مناهج التاريخ لإبراز الأدوار الوطنية الحديثة بشكل ينمى ويدعم مفهوم المواطنة الحقيقي وتعميم تلك المناهج سواء في التعليم الحكومي أو الخاص . - تدعيم جهاز الرقابة الإدارية بعناصر جديدة وجريئة ودعمه إعلاميا وقانونيا لمطاردته عناصر الفساد في كافة المواقع وعلى رأسها مجلسي الشعب والشورى . - تخلص الحزب الوطني من عناصره المشبوهة والتي اتخذت الحزب الوطني وحصانة المجالس الشعبية مطية للإثراء والتربح تحت غطاء الدعم السياسي والقيادي . - ضرورة كف الأجهزة الحكومية ذات السيادة في التدخل في شئون الأحزاب وترك مصيرها للقضاء بشكل كامل وقانوني وفى ظل اللوائح الداخلية لها . - إلغاء بعض الامتيازات المشبوهة لبعض الجهات والمسئولين (مثل: الدفعة التكميلية للنيابة العامة – مد سن العمل للمسئولين – ظاهرة المستشارين – تولى أكثر من منصب في وقت واحد – ظاهرة الانتداب دون داعي – ألخ........... ) - تحديث دور وزارة العمل بإشرافها الكامل على عمليات التعيين والتوظيف بصورة تجهض صلاحيات الهيئات الطالبة للوظائف والتخصصات وإحالتها بالكامل للجان محايدة . - إيجاد المزيد من فرص العمل في شتى المجالات سواء في الداخل او الخارج . - منح المزيد من الحرية للصحافة المستقلة لكشف قضايا الفساد والتحقيق فيها فورا . - حسم العديد من القضايا المؤجلة (القومية) – قضية عبارة السلام – هايدلينا – حديد التسليح – قضايا التعذيب – ألخ ......... ، واتخاذ قرارات سيادية من شأنها تهدئة الرأى العام واستعادة حق المجتمع والقصاص الرادع والسريع من الجناة . - ضرورة تخلص الحزب الوطني والحكومة من العناصر التى يشتبه في تورطها في مساندة المنحرفين ومحاكمتهم بشكل علني لتدعيمهم للمتربحين . - ضرورة تغيير المفاهيم الأمنية مع تغيير القيادات الأمنية وامتثالها للتحقيق والعقاب لمنع التعذيب وإهدار كرامة الإنسان سواء في أقسام الشرطة او السجون ووضع آليات جديدة للرقابة عليها من أجهزة محايدة بها عناصر من هيئات المجتمع المدني