مستخدم:نجيب أبو الفخر
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين عادات منسية للموحدين الدروز (1) المصدر: من ما سمعناه في المضافات العامرة على لسان بعض المشايخ المتفقين.
بداية أرجو من جميع الأصدقاء الذين يملكون معلومات مشابهة لهذا العنوان ( عادات منسية للموحدين الدروز) التكرم وإدراجها تحت نفس العنوان وبرقم لاحق، حتى نتمكن جميعا من محاولة جمع فكرة وافية عن عاداتنا الأصيلة القديمة. 1- في الحرب: كان تاريخ الجبل لا يخلو من نزاعات عائلية تتمحور حول الماء أو بقع الأرض ( المراعي والمساكن الحجرية )، وكانت العائلات تتحالف في وجه بعضها البعض وتقوم معارك وغزوات فيما بينها، كأي حروب قبلية عادية إلا أن هناك ما يميز هذه الحروب عند الدروز وكل ميزة لها مدلولها: أ- الرجال يحيطون بالقرية يخلعون ثيابهم العليا مع أواعي الرأس، ويتمترسون خلف أكياس المئونة وخلفهم حفر على شكل قبور والنساء خلف الحفر تصنع الخبز وتنشد الأهازيج. أي الأرزاق في المقدمة والموت تحت الأرجل والأعراض بالخلف، وكان هذا يعني الاستماتة في الدفاع عن العرض الذي له القيمة الأولى والأكبر. وكانوا يلجأوون لهذه الطريقة حين يكون المدافعون قلة أما كثرة الغازين. ب- كان المهاجمون يرسلون مرسالا قبلهم إلى كبير القرية التي ينوون مهاجمتها، ليطلبوا منه تحييد النساء والأطفال من دروب الخيل، وكان هذا يعني أن الفرسان لا يقاتلون إلا فرسانا وأن المنازلة النزيهة هي ما سيحدد النتيجة وليست الحروب المتوحشة. ت- بعد انتهاء المعارك: كان شيوخ الدين في المكان الذي دارت به المعركة يجمعون جثث القتلى من الفريق الغازي والجرحى ثم يقيمون العزاء لقتلاهم ويحضر وفد من مشايخ العائلة الغازية ويعزّون بقتلى العائلة الثانية ويأخذون قتلاهم معهم ليلحقهم شيوخ العائلة الأولى باليوم الثاني للتعزية والحديث بالصلح، وغالبا كانت تحسم النزاعات بمعركة واحدة، والغريب أنهم كانوا يتصالحون دوما، من باب أننا نموت ونخلق عند بعضنا ولا يجوز توريث العداوة. ث- كانت دية القتلى أراضي بالتعادل ولا تحسب على أساس الفروق أي دية كل قتيل لأهله أرض مفلح فدان أو ثور تضرب بعدد القتلى من كل عائلة وكل عائلة توفي ما عليها كاملا. ليصل لأهل جميع القتلى ما يعيلون به أنفسهم. ج- العائلات المدعوة لحضور المصالحة أو الساعية بالمصالحة كانت لا تتردد في سد أي ثغرة من حيث دفع الدية حتى لو تحملتها كاملة في بعض الأحيان، تعبيرا عن الرغبة الجماعية في حقن الدماء. ح- العائلات لم تكن لتقبل مبدأ التشويم ( عدم قبض الدية مع الصلح ) من أهالي القتيل الفقراء ، كما كان لا يجوز حرمان عائلة القتيل إطلاق موقف كرامة كهذا وبهذه الحال كان الساعين بالصلح يتكفلون بسد هذه الثغرة والدفع بالغرم ( بالتساوي ) لأهل القتيل . خ- أكثر الحروب استمرارا هي التي قامت على أكثر الأسباب سخفا والتي تدخلت بها العائلات الإقطاعية لتحل المسائل عن طريق الفرض وليس المصالحة، حيث أن الناس كانوا يصفطون ( يتنازلون ) عن كل حقوقهم برضاهم وقلما يمتثلون للضغط. د- غالبا ما يدعم عقد الصلح بعلاقات النسب والمصاهرة إشعارا بانتهاء العداوة وتثبيت الصلح. 2- في الزواج: أ- العمدة: بفتح العين وتسكين الميم، كل عائلة لها عمدة وهي عبارة عن وزن من الحجر له ممسك ( مقضب ) لا يقل وزنها عن 60 كلغ في أضعف الحالات، حين يصل الطلاّبون أهل العريس، ترمى العمدة أمامهم ثم يتقدم واحد من أهل العروس ويرفع العمدة بيد مستقيمة من الأرض للأعلى دون أن يثني ركبتيه ثم يرميها أمام أهل العريس، حيث يتقدم أحدهم ليرفعها بالمثل فإن لم يتمكن أحد من أهل العريس من رفع العمدة يلغى الزفاف، ويضيف أهل العريس لتناول الطعام وينصرفون مكسورين دون العروس، والغاية هي التأكيد على أن الحمى التي ستذهب لها العروس لا تقل شأنا عن حمى أهلها وأن أهل العريس قادرين على تأمين نفس الحماية إن لم يكن أكثر. وكانت العائلات تتباهى بعمداتها وهذا يعني شدة رجالات العائلة أو القرية. ب- الثوب الأزرق : كناية عن ثوب العذرية ، وهي كلمة ينطقها ولي العروس لمن يطلب يدها من الرجال النوادر الذين يرى فيهم صفات مميزة فيقول له (إجتك بالثوب الأزرق ) وهذا يعني سقوط كل شروط التزويج بما فيها المهر والمؤخر والتجهيز وحتى رفع العمدة لأن الأساس كلمة ولي الأمر الذي تنازل فيها عن كل شيء وكان هذا يعني مغالاة في العريس والتعبير له عن رفعة الشأن الذي يرونه عليه . ت- الليرة مقدم ومؤخر:هي عادة تشبه الثوب الأزرق ولنفس الأسباب، إلا أن الدافع لها هو الخروج من تحت يمين التحريم، الذي ينص على عدم جواز التفريط بحقوق البنت ( العروس ) شرعا، فيلجأ ولي الأمر لهذه الطريقة حتى يخرج من تحت الحرم، ودافعه بذلك بحثه عن ( بيت رجال ولا بيت مال ). وهذه فقط عادة دارجة حتى اليوم. ث- لصق العجينة: عندما تدخل العروس لمنزل العريس تضرب عجينة تحضرها معها من بيت أهلها على جدار مدخل بيت العريس، وكان مدى التصاق هذه العجينة يدل على مدى بقوتها ( بقاءها ) وديمومتها في هذا البيت، وهنا كان العزال المكايدون يحاولون دهن الجدار بالدهن والغبار قبل وصول العروس ليوحوا لأم العريس أن العروس وجهها ليس وجه خير، كان من شأن هذا الأمر إشعال نار الحساسية مع الحماة التي تؤمن وتريد لابنها جازة الدهر. ج- كانت غالبا ما ترافق العروس لمنزل عريسها كبيرة العائلة لجهة الأب وغالبا العمة الأكبر سنا، تسبق العروسان إلى مخدعهما مع أم العريس وتمد فوطة بيضاء من الحرير إن أمكن تحت منامة العروسين وتقف ولا تتزحزح بالباب مع أم العريس وتمنع أي أحد من الدخول قبل العرسان، ومن ثم تنتظر خروج العريس حاملا الفوطة ملطخة بلون وردي لتبدأ بإطلاق الزغاريد، كناية عن أن العروس عذراء و ( ما باس تمها غير أمها ) وأنها بنت بيت، وتأخذ العمة المنديل وترقص به إلى حيث المدعوين وتسلمه لأم العريس التي تزغرد به وتقوم بتعليقه فوق المكان الذي سيجلس به العرسان فوق رأس العروس ويبقى معلقا طيلة أيام الاحتفال، ليعرف الجميع أن راية أبو العروس بيضاء.وإذا لم تخرج الفوطة مدماة فكان هناك خيارات ثلاثة: الأول هو أن تنكس العمة رأسها وتطلب العروس وتعود بها إلى بيت أهلها حيث يتحقق الأهل من الأمر ويغسلون شرفهم على طريقتهم ( الذبح غالبا )، أو تحتج العمة بأن العروس فقدت بكارتها من ركوب الحمار أو الفرس أو خلال لعبة صبيانية وبهذه الحال تدخل العمة والأم وكبيرات من المدعوات منهم قابلة القرية ليقوموا بفحص الفتاة والتأكد من أن فض البكارة كان بأثر حادث ففي حال ثبوت ذلك يا دار ما دخلك شر وإلا فالخيارات الأخرى هي التي تعمل. أو تطلب العمة السترة من أهل العريس والقول في هذا للحماة وأب العريس الذي قد يلزم زوجته وابنه بقرار السترة فيحتال بلون مشابه على المنديل ويتم تعليقه ولكن يتفق مع العمة على أن العروس تبقى ضيفتهم لمدة شهر لا يقربها أحد ، وعند نهاية الشهر تعود طليقة لمنزل أهلها ( وعادة ما تمدد المهلة حتى الثلاثة أشهر منذ البداية ) . ح- الضيافة: وهي عادة درجت عند المشايخ لدى تزويجهم إذ تنتقل العروس لبيت العريس وتقيم فيه ما لا يقل عن أربعين يوما وليلة تحل فيهم ضيفة لا يقربها العريس ( جنسيا ) وذلك لأجل إفساح المجال له للتعرف على عاداتها وطباعها ونظافتها وطبخها ( وتسمى أربعين الخوّة ) ((( أي الأخوة ))) فإن حدث التوافق في تلك الفترة كان له أن يدخل بها إشعارا برضاه وألا فإنه يعيدها لمنزل أهلها عذراء حتى لا يكون قد ( تعدى بخطّيتها ). خ- الطلاق: بحالة المرأة التي تقرر إغلاق سبل التعايش معها .أو التصالح وبالرغم من كدّ الغانمين ، أن يرسل الزوج في طلب ثلاثة أقارب عصب للزوجة ، الأب والأعمام ومن يخلفهم، ليعلن لهم عن كمية الجهد الذي بذله ليتعايش مع ابنتهم وعدد الوساطات التي دخلت لإصلاح ذات البين بينهم، والتعهدات التي لم توفي بها أو الأسباب المانعة من الاستمرار ويوضح لهم رغبته بالطلاق بعد ذلك كله، فيطلبون الزوجة ويخبرونها فيقوم بتطليقها أمام الجميع ويعاهد أنها بمثابة أخته وأنها حرمت عليه كحرمة الأخت وأن لها أن تأخذ ما تحب وتشتهي وتشاء من بيتها معها ويكون ذلك، في محاولة لإكرام العشرة بينهما.وبعد الطلاق لا تجوز لها رجعة ولا بأي شكل أو وسيلة. د- حالة المرأة العاقر : التي لا تنجب الأطفال كانت الزوجة تبحث لزوجها عن عروس جديدة ودودا ولودا وتطلب إليه بعد دعوة أهله وأهلها وبحضورهم أن يطلقها ويتزوج بالعروس التي اختارتها دلالة على عظمة حبها له وتقديرها لحفظه لها ولكرامتها خلال عشرتهم ، وغالبا بهذه الحالة كان الزوج يطلقها ويعاهدها على الأخوة ويسكنها بالقرب من منزله ببيت صغير رغبة منه أن تشاركه تربية الأطفال الذين ستصبح عمتهم بالعهد و الذين حرمت من إنجابهم كأم لهم
،( والمصيبة إذا طلعت المشكلة بالزلمة ) ، وهنا في الغالب أهلها يرفضون العرض لانقطاع النصيب ، إلا أن الزوج مع علمه بذلك يقدم هذا العرض تعبيرا عن مغالاته بها ولكن في النهاية تعود لبيت أهلها كمطلقة .
3- في الضيافة : من أكثر الصفات التي يمتاز بها الموحدون الدروز ، كرم الضيافة ، وإغاثة الملهوف ، وإجارة الدخيل .. عدا عن الصفات الشخصية التي لا يعتبر الرّجل رجلا مالم يتحلّى بها ، كالشجاعة والصدق ، والشهامة ، ونبل الأخلاق .. وهذه كلّها صفات مترافقة مع ذكر الموحدون الدروز المقاتلون الشجعان المؤمنين بأن ساعة الموت إن كان لا ريب فيها فلتكن شريفة مشرّفة ، ويذكر عن الشيخ واكد محمد زهر الدين ( أحد أعيان جبل الدروز عام 1904) عندما استجار به أمير حائل سلطان بن الرشيد وكانت تلحق به سرايا عثمانية ، قد قال لإخوته عندما أرسلهم لطلب النشامى من فرسان الدروز لحماية الضيف : ( لن نجد أشرف من الموت في سبيل حماية ضيفنا والذوذ عن كرامتنا ...) وهذا القول متفق عليه على أنه دليل عمل أخلاقي دائم ... وللضيف حق النزول والراحة والإكرام ثلاثة أيام وثلث اليوم ، دون سؤاله عن مطلبه أو مقصده إلا إن تكلّم هو بإرادته .. والضيوف سواسية في واجب الإكرام والاحترام .. إلا أن هناك بعض التخاصص لحالات تعود لطبيعة الضيف وأورد مثالا ما قام به الشيخ أبو علي مصطفى النجم الأطرش مع ضيفه المستجير سلطان بن حمود العبيد الرشيد المطلوب من الأتراك ( والمذكور آنفا) .. حين وقّع وبصم على أوراق مفادها أن الشيخ المضيف أبو على مصطفى قد باع نصف أملاكه من أنعام وأغنام وأراضي وبيوت للأمير الدخيل بليرة مجيدية ذهبية واحدة ( وذلك عن الحلال والحرام ) ليشعر الدخيل أنه في بيته ويتصرّف في ملكه وحقه .. وبتحليل هذا الحدث نجد أن المضيف قد قدّر وضع الأمير الدخيل الذي لا بدّ وأن واجب الكرم والضيافة والعطاء هو من صميم طبيعته وعادته .. فلا بدّ أن نفسه طلّابة لما اعتادت .. ففعل له ذلك طوعا ليرفع عنه الحرج والاستثقال بنفسه كضيف .. رغم ممانعة الضيف الدخيل إلا أن النفوس العظام ... تتفهم حاجات بعضها .. وهذا كله ينبع من حق مقدس للضيف إضافة للإكرام والتقدير ، فالتأمين والأمان لطالما هو في حمى المضيف ، أو في عهدته على السبيل .. . . هذه بعض العادات وهي غيض من فيض عادات هذه الفئة العربية الأصيلة التي تعتبر من قليل القبائل المحافظة على ما أثقلها الزمن من واجبات أخلاقية رفيعة وصفات إنسانية نبيلة ..

